أدباء عرب يكتبون بلغة العدو:
قصة فلسطين.. بالعبرية
نائل الطوخي
ما الذي يعنيه أن يكتب أديب فلسطيني إبداعه بالعبرية؟
روايتان صدرتا مؤخراً لكاتبين فلسطينيين، من عرب الـ48، "ضمير المخاطب" لسيد قشوع، و"إلى يافا" لأيمن سكسك، تطرحان هذا السؤال. الروايتان مكتوبتان بالعبرية، والكاتبان الشابان معروفان جيداً في إسرائيل بوصفها من الأصوات الأعلى مبيعاً، ويقبل على قراءتهما كل من الجمهور اليهودي و الجمهور الفلسطيني من متحدثي وقارئي العبرية، في فلسطين الـ48. السؤال هنا: لماذا يكتب أديب فلسطيني بالعبرية؟ ما الذي ستضيفه هذه اللغة للأديب؟ والأهم، هل ثمة خيار سياسي في هذه الكتابة؟ نطرح السؤال، ونلقي الضوء على ظاهرة شديدة التعقيد في الأدب الفلسطيني الحديث. ظاهرة سواء اختلفنا أم اتفقنا معها، فإنه يتوجب علينا مناقشتها.
بوضوح يرد سكسك على سؤال الخيار السياسي في اختيار العبرية لغة للكتابة. يقول لـ"أخبار الأدب" أن خيار الكتابة بالعبرية هو خيار أيديولوجي، فكتابه الأخير: "يطرح قضية الهوية القومية للفلسطينيين الذين يعيشون بداخل إسرائيل (عرب 48)، وهو جمهور غير مرئي بالنسبة للمجتمع الإسرائيلي، وبالتالي فهناك تجاهل لوجوده واحتياجاته وصوته السياسي. هدفي هو إجبار الخطاب المجتمعي في إسرائيل على التعامل مع هذا الجمهور، ومع مشكلة هويته القومية، بحيث يضطر المجتمع الإسرائيلي للإجابة على بعض الأسئلة التي تطرحها هذه المشاكل. وكي يحدث هذا، يجب على النقاش أن يتم بالعبرية، فهي اللغة التي يدار بها الحوار الثقافي في إسرائيل، سواء كان هذا الأمر جيدا أو سيئاً.."
***
الظاهرة قديمة، ربما تبدأ من الستينيات.
بعد أن نشر الأديب الفلسطيني، المولود في الجليل، عطا الله منصور، روايته "وبقيت سميرة"، عام 1962، باللغة العربية، عاد في عام 1966 لينشر روايته الثانية "على ضوء جديد"، بالعبرية، وقد تكون أولى الروايات العبرية التي يكتبها أديب فلسطيني. الرواية تحكي عن يوسي، وهو شاب عربي يعيش في كيبوتس ويحب ربيكا، الفتاة اليهودية، وعن المصاعب التي يواجهها كي يتم قبوله في الكيبوتس، وتمت ترجمتها للإنجليزية عام 1969. عطا الله منصور غير معروف بشكل جيد في البلدان العربية، نشرت عنه النيوزيك الأمريكية مقالا وصفته فيه بالأديب النبي غير المعروف في بلده.
ولد منصور بقرية الجش الجليلية عام 1934، ودرس في هذه القرية، سافر عام 46 للدراسة بلبنان، وعاد عام 50 لإسرائيل، بعد إعلانها كدولة، بصفة متسلل، وبقي هناك بشكل غير شرعي – من وجهة نظر الدولة العبرية – حتى عام 1960، ثم طلب الحصول على الجنسية الإسرائيلية وتمت الموافقة على طلبه. روايته الأولى "وبقيت سميرة" المنشورة بدار النشر العربي بتل أبيب، نالت هجوما لاذعا. قال منصور ذات مرة أن النقاد اليهود اعتبروها معادية لليهود ولإسرائيل، أما النقاد العرب فاعتبروها رواية ترسخ نموذجا لبطل عربي منهزم وسلبي.
***
لا يمكننا في هذا الصدد تجاهل الشاعر والروائي الفلسطيني أنطون شماس، وهو واحد من أشهر وأبرز الفلسطينيين ممن كتبوا بالعبرية، كما عمل بالترجمة من العربية للعبرية، ترجم "متشائل" إميل حبيبي وأعمالاً أخرى. نشر شماس عام 1986 روايته "أرابيسك" بالعبرية، لتعد منذ ذلك الحين علامة فارقة في الأدب العربي المكتوب بالعبرية، وفي الأدب العبري بمجمله أيضاً. ولد عام 1950 بكفر فسوطة بالجليل. هاجرت أسرته إلى حيفا وهو يبلغ 12 عاما، ثم أقام في القدس. هاجر من إسرائيل، تحت ضغط اليأس من "تغييرها من الداخل" ربما، يقيم في الولايات المتحدة الآن ويحاضر في جامعة ميتشجن.
تمكنه من العربية والعبرية والإنجليزية يؤهله للكتابة باللغات الثلاث، وفق كلماته فهو يشعر بنفسه منفيا في العربية، وهي "لغته الأم"، ومنفيا بداخل العبرية وهي "لغة زوجة الأب". ويصف نفسه، كما يقول موقع الويكيبيديا، كأديب فلسطيني/إسرائيلي. كتب بالعبرية أيضاً "أرض مشاع"، "الكاذب الأفضل في العالم" و"قصة شعبية عربية" بالإضافة إلى "أرابيسك.
وصفه لنفسه كأديب إسرائيلي فلسطيني وارد في موقع الويكيبديا، وقد تكون السنوات وهجرته من إسرائيل قد غيرت هذا المفهوم عن هويته. تكتب الناقدة الإسرائيلية الشهيرة أريانا ملاميد عن روايته "أرابيسك" في صحيفة يديعوت أحرونوت: "قبل أن ييأس من إسرائيل كتب شمس قصة حربه وفشله، وهي ملحمة عن عائلة عربية تأخذ في التفتت والاختناق تحت السلطة الصهيونية المستنيرة!" تكتب ملاميد هذه الكلمات في سياق موضوع منشور بصحيفة "يديعوت أحرونوت" عام 2001، تحت عنوان دال "53 عاما، 53 كتابا"، أي عن الكتب الخمس وثلاثون التي أثرت في الأدب العبري المكتوب من 53 عاما هي عمر الدولة العبرية.
أما الناقد الإسرائيلي حنان حيفر، فيتحدث عن تأثير الرواية على الثقافة الإسرائيلية قائلاً: "أرابيسك"، بوصفها رواية عن فلسطيني يعيش في إسرائيل، هي اجتياح تقوم به الهوية العربية عن طريق اللغة العبرية للكيان السيادي الذي يسمي نفسه "الأدب العبري".
***
ولد الشاعر الفلسطيني نعيم عرايدي عام 1950، بقرية المغار لعائلة درزية، درس الأدب العبري المقارن في جامعة حيفا، وكانت رسالة الدكتوراه الخاصة به عن الشاعر الإسرائيلي أوري تسيفي جرينبرج، نشر ديوانه بالعبرية "كيف يمكن أن نحب" عام 1972، وحاز عام 2008 على جائزة رئيس الوزراء للأدباء العبريين. أي أنه حاضر بقوة داخل مشهد الأدب العبري في إسرائيل. له قصيدة شهيرة، لحنها الملحن الإسرائيلي عِران تسور بعنوان "القدس حبيبتي"، تقول كلماتها: "كان يا مكان/ بنت جميلة/ بنت جميلة/ كأنها من السماء/ كانت فتانة/ وكان اسمها القدس/ الكل أحب البنت/ وأنا أحببتها أكثر/ وعندما كبرت حاول الكل/ تقسيمها لاثنتين/ وبكت من الحزن/ كي لا يخرب المقص/ عن شيئين لم تتنازل/ عن الصلاة والسماء/ كان يا مكان بنت جميلة/ والآن هي أكثر جمالا."
يعي عرايدي مشكلة كونه فلسطينيا يكتب بالعبرية. يقول في مقال له بهاآرتس مشيرا إلى قصيدة له: "القصيدة السابقة تصدرت ديواني الأول الصادر عام 1972، "الكتاب الأول المكتوب بالعبرية على يد شاعر عربي في إسرائيل." عملي الأول تحول إلى موضوع للجدل داخل المجتمع الإسرائيلي، هل يمكن لشاعر غير يهودي أن يكتب عملا بالعبرية؟ لماذا يفعل هذا؟ هل هناك رسالة معينة في فعل الكتابة بالعبرية؟ ثم يأتي السؤال المضحك: بأي لغة تحلم؟ بأي لغة تحكي؟ وبرغم هذا فقد أربكتني هذه الأسئلة لفترات طويلة، حتى تعلمت استغلال سذاجتي اللعينة في مواضيع نثرية أيضا."
عرايدي يكتب بالعربية والعبرية. تسأله الشاعرة – من أصل عراقي - دفنا شحوري في صحيفة معاريف، متى يختار هذه ومتى يختار تلك في التعبير، فيجيب بشكل معمم وغير دقيق – إن لم نقل استشراقي - عن الكتابة والثقافة والمحرمات العربية: "إذا أردت النقاش مع الله فأنا لا أستطيع فعل هذا بالعربية، لأن كل المتدينين، المسلمين والدروز، سوف يثورون ضدي، وسوف يقومون بنفيي. في مقابل هذا، فليست لدي مشكلة في النقاش مع الله بالعبرية. وكذلك إذا أردت أن أكتب قصيدة إيروتيكية، لن أكتبها بالعربية وإنما بالعبرية. هذا يعني أن الثقافة العربية لازالت لا تحتمل أشياء كتلك. ثمة قيم ومواضيع لا تنفتح عليها اللغة العربية. يمكن الكتابة بها عما لا يمس المحرمات."
***
ولد أيمن سكسك عام 1984 لعائلة مسلمة في يافا، والتي يقيم بها اليوم. أكمل إعداد الماجستير في قسم الأدب الإنجليزي بالجامعة العبرية بالقدس. نشرت قصته الأولى وهو يبلغ 18 عاما في ملحق "سوف شافواع – نهاية الأسبوع" بصحيفة معاريف. بعدها بسنة نشر قصة أخرى في مسابقة القصة القصيرة بصحيفة هاآرتس، وشارك كمحرر في الأنطولوجيا الشعرية "لا تخبروا في جت. النكبة الفلسطينية في الشعر العبري 1948 – 1958." والتي نشرت أخبار الأدب عرضا لها منذ أسابيع. موضوع هوية فلسطينيي الـ48، كان لافتا في المقالات التي تناولت روايته الأخيرة "إلى يافا"، كتبت الناقدة يوديت شَحَر في صحيفة هاآرتس قائلة:
"ما الذي يفعله طالب عربي مثلا، أثناء تلقي المنح، عندما يتم عزف النشيد الوطني مع كلمات: "لنكن شعباً حراً في أرضنا."، وما الذي تشعر به حبيبته عندما تتلقي منحة دراسية من إدارة خزانة "رواد الاستيطان اليهودي في إسرائيل". يقدم لنا سكسك مرآة أمام وجوهنا، عندما يصفنا كبهلوانات وجوههم مدهونة بمسحوق السكر اللزج المتبقي من فطائر عيد الحانوكا، ويشعرون بالإهانة في أعماقهم عندما يجرؤ شخص على رفض العجينة الدهنية."
تضيف شَحَر: "في الكتاب يظهرنا سكسك، نحن اليهود، عاريين، كمن يميزون بين العربي الجيد، العربي الذي هو صديق شخصي، العربي "الذي يخصنا"، وبين "العربي" العام - والذي لعدم معرفتنا به يتحول في أعيننا بشكل تلقائي إلى مشتبه به، شيطاني، مهدد."
***
في حوار لهاآرتس، بمناسبة صدور كتابه "ليكن نور"، يتحدث سيد قشوع عن العنصرية الإسرائيلية ضده كفلسطيني يقيم تحت الحكم الإسرائيلي، وهي المشكلة التي لازمته منذ طفولته. يحكي قصة دالة استدعاها من طفولته: "ركبت خط 23 من المدرسة الداخلية للوصول لشبكة مواصلات "أجد". ولكن في الأوتوبيس كان ثمة أطفال من المدرسة المجاورة، مدرسة "بولانسكي"، وبمجرد إدراكهم أنني عربي بدأوا في الغناء بالأوتوبيس "الموت للعرب". نزلت من الأوتوبيس والتقطت تاكسيا لـ"أجد"، واستقللت أوتوبيساً. ولكن عندما وصل الأوتوبيس بجوار المطار، قام الحراس بإنزالي وحدي للفحص الأمني. كانت تلك إهانة مرعبة."
مفروض على قشوع، كما يضيف الحوار، أن يكون "الآخر" في كل مكان. هو لا يكتب إلا بالعبرية، وهذا نتيجة لدراسته في المدرسة الداخلية والجامعة العبريين. يقول: "أنا أكتب العربية كما أتحدثها، باللكنة الفلسطينية الإسرائيلية، هذا أمر مستحيل. لا تتم الكتابة إلا بالفصحى، وأنا لا أعرفها بما فيه الكفاية. أنا أقرأ الكتب العربية لدى ترجمتها للعبرية."
يشكو قشوع أنه على الرغم من اعتباره الجريمة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين هي الجريمة الأكبر في المنطقة، وأكبر من دكتاتورية القادة العرب، فإنه تلقى ردود فعل مسيئة من جانب بعض العرب، الذين أذوه وأذوا عائلته، كما يدعي: "ثمة صحيفة محلية متوسطة القيمة تصدر في قرية الطيرة كتبت عن وجهي القبيح."
هذه هي مشكلة الكاتب الفلسطيني الذي يكتب بالعبرية، حيث يتم تلقيه داخل جمهوره العربي بشكل سلبي للغاية. يشكو قشوع: "كيف يصفني كل النقد المكتوب بالعبرية وفي الخارج بأنني ألقي الضوء على معاناة العرب وفجأة أصبح أنا العدو بعيني العرب؟!"
نفس السؤال يجيب عنه أيمن سكسك قائلاً لأخبار الأدب:
"يحزنني كثيرا الادعاء أن الكاتب الفلسطيني الذي يكتب بالعبرية يخون هويته. الحقيقة على الأرض هي أن كل الكتاب الفلسطينيين الذين يكتبون بالعبرية، وأنا من ضمنهم، ينشغلون بالأساس بهويتهم، هم يستخدمون العبرية كوسيلة من أجل فحص هويتهم المركبة كأفراد بداخل المجتمع الإسرائيلي الممزق، والمليئ بالتناقضات. أي أن اللغة العبرية في الواقع تخدم الصوت الفلسطيني في هذه الحالة. إنها تخرجني من سياقها العربي وتأخذني بعيدا - بحيث يمكن لي أن يتم سماعي بداخل تجمعات أخرى. من وجهة نظري فإن الخوف الإسرائيلي من الأديب الفلسطيني الذي يقوم بإسماع صوته، هو شيء ما على كل أديب فلسطيني يكتب بالعبرية التعامل معه: ثمة مقاومة وخوف من صوته بالحيز الإسرائيلي، وسوف يظل هذا الصوت غريبا للأبد، وغير متوقع."
***
النموذج الأخير لدينا هو الشاعر سلمان مصالحة، والمولود، مثل نعيم عرايدي، لعائلة درزية في قرية المغار، عام 1953، يعمل أيضا بالترجمين من وإلى العبرية، ترجم للعبرية ديوان "ذاكرة للنسيان" لمحمود درويش" و"الصبار" لسحر خليفة، بالإضافة لشهادات عن انتهاكات حقوق الإنسان ضد المواطنين في الضفة الغربية، ونشر ديوانا شعريا له بالعبرية بعنوان "واحد من هنا"، بالإضافة إلى دواوين أخرى بالعربية.
يشبّه مصالحة الكتابة بلغتين، بالعازف الذي يستطيع العزف على آلتين موسيقيتين، وبالتالي فإجابته تختلف عن إجابة سكسك، الذي يركز على السياسي. فالتشبيه عند مصالحة فني وتقني، وإجابته كذلك: "لا أعتقد أن هنالك من يتّهم مغاربة، جزائريين، أو لبنانيين لمجرّد أنّهم يكتبون باللغة الفرنسية على سبيل المثال. من جهتي، فقد ذكرت أني أعزف على آلتي اللّغوية العربية، وعلى آلتي العبرية المكتسبة هي الأخرى، ولو امتلكت آلة، لغة أخرى وكنت واثقًا من امتلاكي لها بعمق، لعزفت عليها أيضًا."
يضيف مصالحة بانوراما للأدب الفلسطيني المكتوب بالعبرية. يتحدث عنه وعن الهدف منه:
"هنالك نوعان من هذا الأدب، ويجب الفصل بينهما. النوع الأول هو عبارة عن رواية فلسطينية بشخصياتها وأجوائها وأحداثها، ولكنها مكتوبة بالعبرية من قبل كاتب فلسطيني. وثمّة نوع آخر وهو كتابة لكتاب فلسطينيّين بالعبرية تحمل في طيّاتها ذلك التوتر القائم لدى الأجيال "الفلسطينيّة الإسرائيلية"، إذا ما استخدمنا هذا التعبير لتوصيف حالة الفلسطينيين من مواطني إسرائيل. ولمّا كانت كل هذه الأجيال على العموم الآن تقرأ العبرية، فإنها أضحت تقرأ عن ذاتها بلغة أخرى غير لغتها الأم."
"من جهة أخرى، فهذه الكتابات الأدبية، الشعرية والروائية، على القارئ العبري، الإسرائيلي اليهودي، مرآة بانورامية عاكسة لمساحات أوسع في الساحات الخلفية للفضاء الإسرائيلي. وهي مساحات ما كان ليراها هذا القارئ لولا هذا النوع من الكتابات."
"وفي جميع الأحوال، فإن في هذا النوع من الكتابة الأدبية ما يمكن أن أُطلق عليه إصابة عصفورين بحجر واحد. فمن جهة، تقوم هذه الكتابة بتوسيع فضاء "الفلسطيني الإسرائيلي" من خلال تخطي الكثير من الرقابات الاجتماعية، الدينية والثقافية التي تتسم بها الكتابة العربية. ومن الجهة الأخرى فإنها تفرض نفسها على القارئ العبري، شاء ذلك أم أبى. إنها تفرض عليه الخروج من بوتقته المُغلقة وتقوم خلال هذا بعملية هدم لجزء من الحدود الإثنية اليهودية للأدب العبري".
__________________________
المقال منشور بالأصل في صحيفة أخبار الأدب، بتاريخ 15-8-2010. والصورة المرفقة للشاعرة الفلسطينية نداء خوري وهي من أعمال الفنانة الإسرائيلية إيريس نيشر
No comments:
Post a Comment
comment ya khabibi