Saturday 25 June 2011

زوج من الكيلوتات وأشياء أخرى

حانوخ لفين

ترجمة: نائل الطوخي

عند محل بائعة السجق العجوز


الزبون: أعطيني من فضلك سجقاً ساخناً مع كرواسون. أريد بشدة أن يكون ساخناً. والكرواسون طري. أريد أن يكون هذا السجق كبيراً جداً، مترين. وكذلك الخبز. أريد أن يكون السعر رخيصًا. رخيصاً جداً. سأكون سعيداً جداً أن آخذ هذا السجق كهدية. وإذا رجعنا لحظة لطول السجق، فأنا أريده لا نهائياً، وأن يكون هدية. وأن تتوسلي لي أن آكله، مثل الأم القلقة. أريدك أن تكوني أمي، ولكن هذا فقط بالنسبة لموضوع السجق، وخارج موضوع السجق لتكوني امرأة غريبة تماماً، ولكن مشرقة الوجه. أريدك أن تكوني أصغر أربعين عاماً، أن تكوني فاتنة جداً. وعارية. فقط في نصفك الأسفل. أريدك بعد أن تقدمي لي السجق اللانهائي أن تنامي معي على أريكة طرية، أريدها أن تكون هنا خلف البار. أريدك أن تكوني أمي في موضوع السجق، عاهرة لطيفة بالنسبة للقصة، وكارولين أميرة موناكو بعد القصة، لغرض الحب اليائس، سفر مشترك لموناكو وزواج. والسؤال فقط هو ما الذي سنفعله بالسجق اللانهائي. سوف يملأ كل فراغ الوجود ولن يكون هناك مكان لموناكو. أريد أن تنبت لك لحية، أن تتحولي إلى المسيح، وتحلي مشكلة السجق، ثم تتحولي مرة ثانية إلى كارولين أميرة موناكو. تذكري. أنا أعلق عليكِ آمالاً كبرى وهائلة. طالما تقدمين لي السجق فكل شيء مفتوح، كل شيء ممكن.

(العجوز تقدم له سجقاً وكراوسون)

شكراً جزيلاً. وخسارة.


في محل الملابس الداخلية


(بائع متحمس. تدخل زبونة)

الزبونة: آسفة، ولكن هل يمكنني شراء زوجاً من الكيلوتات؟

البائع: (وجهه يحمر. يصدر أصوات خوار) زوجاً من ماذا؟!

الزبونة: (تؤكد) الكيلوتات.

البائع: (يبدأ في الخوار والتأوه والتلوي في آلام شهوته)

ححح. ححح.. هوه، يا رب، هي تريد.. ححح... أن تلبس على ال.. الخاص بها، هوه يا رب، هذا كبير... كبير... هذا أروع من القدرة على التعبير... هوه يا رب... ححح... ححح (للزبونة) تريدين أن تشتري ححح... حتى تلبسيه أين؟

الزبونة: (تستدير وتشير إلى مؤخرتها) هنا.

البائع: (يجن من الشهوة) هوه يا رب، هنا... "هي تقول "هنا... هي قالت "هنا"...من اليوم فصاعداً كلمة هنا سوف يكون لها عندي ... معنى مقدس... أيضاً كلمة "ها هنا" تعطي إيحاء غير مباشر، وكلمة "هناك" تعطي إيحاء عن طريق التناقض... تدريجياً سوف تصبح كل اللغة مقدسة بهذه الطريقة...

(يتشنج من فرط التأثر)

هوه يا رب... ححح... ححح...

(ينتهي. صمت. وجهة عليه ملامح الإرهاق والقرف)

حطمتيني. أنا إنسان انتهى من عمل قاس ومدمر. أنا أغلق المحل. سوف أذهب لإجراء فحوصات وبعدها للمستشفى. تعالي في آخر أغسطس.


ما هو أنا وليس أنت


(رجل راض عن نفسه يجلس مع امرأة مسترخية. يدخل رجل متلهف. يغرس بها نظرة راغبة. يقترب منها، نظرته مغروسة في ثديها، يمد إصبعاً باتجاه الثدي)

المتلهف: كنت أريد هذا جداً.

المسترخية: هذا يخصه.

الراضي: هذا يخصني.

المتلهف: كنت أريد.

المسترخية: لا يمكن.

المتلهف: خسارة، أريده بشدة.

المسترخية: لا يمكن بشدة.

(الراضي يبتسم ببرود، يلمس بإصبعه ثدي المسترخية. تشرح هي للمتلهف)

لأن هذا يخصه، هل تفهم؟

المتلهف: أفهم جيداً جداً، وخسارة شديدة.

(للراضي)

الأمر جيد بالنسبة لك. صح؟

الراضي: على ما يرام.

المتلهف: ولكِ؟

المسترخية: أيضاً.

المتلهف: فانتاستيك. صح؟

الراضي: هل تسألني؟

المتلهف: نعم.

الراضي: نعم. فانتاستيك.

المسترخية: وتسألني أيضاً؟

المتلهف: نعم.

المسترخية: نعم. فانتاستيك.

(المتلهف يقرب وجهه من وجه الراضي. تقريباً يلمسه)

خسارة شديدة أني لست أنت.

الراضي: جيد أن تكون أنا، صح؟

المتلهف: ذروة عالية. وسيء جداً أن أكون أنا. صح؟

المسترخية: هل تسألني؟

المتلهف: نعم.

المسترخية: نعم، سيء جداً.

الراضي: وتسألني أيضاً؟

المتلهف: لم لا؟

الراضي: نعم، سيء.

المتلهف: (يقرب رأسه من ثدي المسترخية) ولو كنت أنا هو، هل كنت لتسمحين لي أن ألمس هذا؟

المسترخية: نعم.

المتلهف: خسارة شديدة.

الراضي: ولكن بما أنه ليس أنا، فلن تسمحي له، صح؟

المسترخية: صح جداً.

الراضي: كل من هو أنا، ستسمحي له، وكل من هو ليس أنا، فلن تسمحي له.

المسترخية: بالضبط.

الراضي: فانتاستيك، صح؟

المسترخية: هل تسألني أم تسأله؟

الراضي: أسألكِ ثم أسأله.

المسترخية: نعم، فانتاستيك.

المتلهف: نعم، فانتاستيك.

الراضي: هل فهمتَ ما معنى أن تكون أنا وليس أنتَ؟

المتلهف: أنا أفهم الفارق بدرجة كبيرة.

(يقرب وجهه من وجه الراضي، كأنه يحاول الدخول بداخله)

الراضي: هل تحاول الدخول بداخلي وأن تكون أنا؟

المتلهف: نعم.

الراضي: لن تنجح، لأن كل شخص هو نفسه.

المتلهف: صح، وخسارة.

(وجهه يظل قريباً من وجه الراضي. بإعجاب) أي...! أي...!

(يفتح فمه بإعجاب. الراضي يلمس ثدي المسترخية. صمت. الراضي يلمسه مرة ثانية. صمت. الراضي على وشك أن يلمسه مجدداً، ولكن المتلهف يغلق فمه ويبعد وجهه. الراضي يقول للمسترخية)

الراضي: خسارة كبيرة أنه توقف عن الإعجاب بي وأنه لا يستطيع الوقوف أمامي وفمه مفتوح للأبد.

المتلهف: (يعتذر) لأنه مع كل هذا فلديّ نفسي، وكل أنواع الترتيبات، وعليّ أن أغلق فمي المفتوح بإعجاب وأن أفتحه مرة ثانية استعداداً للعشاء.

الراضي: خسارة كبيرة أن الآخرين عليهم أن يأكلوا وكل هذه الأشياء.

المتلهف: لو كنت أنا أنت كنت سأظل، أنت تفهم بنفسك.

الراضي: نعم، أنا أفهم، وخسارة.

المسترخية: مع كل هذا فلديك أنا.

الراضي: (للمتلهف) هذا صحيح، لدي هي، وبهذا لا يكون الأمر خسارة لهذه الدرجة.

المتلهف: أفهم. إذن سلام عليكم، ومن ناحيتي، فهي خسارة كبيرة. وخسارة مرة ثانية.

(يخرج).

______________________________________________

ربما يكون حانوخ لفين هو أكثر من تمت ترجمته في هذه المدونة. تمت ترجمته من قبل هنا وهنا وهنا. لفين من أعلام المسرح والأدب الإسرائيلي. ولد عام 1943 لأبوين من أصول بولندية وتوفى عام 1999. نشر قصيدته الأولى عام 1967 باسم "بركات الفجر". اهتم بالمسرح السياسي الساخر، فقدم عام 1968 مسرحية "أنا وأنت والحرب القادمة"، وفي عام 69 قدم "كاتشب"، وفي كلا العملين عارض الطابع العسكري لدولة إسرائيل وسخر من عجز ولامبالاة السياسيين، مما أثار ضده النقاد، وبعد تقديم عمله الثالث "ملكة الكبانيه"، على المسرح الكامري في أبريل 1970 ، ثار الرأي العام الإسرائيلي ضده بدرجة غير مسبوقة: تظاهر المشاهدون وقاموا بأعمال شغب ضد عرض المسرحية في المسرح الكامري، وهو مسرح تابع للدولة، وطالب حزب المفدال بمنع العرض الذي يدنس شرف العهد القديم، وهددت الحكومة بوقف الدعم المقدم إلى المسرح. تعرض لفين كذلك لانتقادات شديدة فيما يخص عرضه "عدة حوارات متخلفة وأغان تهدف لصب الملح على الجروح المفتوحة"، حيث قال عنها الصحفي أوري بورات: "يبدو من هذه المسرحية الزبالة أننا جميعا قتلة حقراء، مواطنون في دولة عسكرية متعطشة للدماء"، أما رئوفين يناي فقد قال عنها: "هناك مشهد عن صحفي يذهب لإجراء حوار مع أرملة شابة سقط زوجها في القناة، ويمارس معها الحب ببهجة – فقط عقل شيطاني أو مريض نفسي يمكنه كتابة مشهد كهذا... إنها سخرية خبيثة من آلاف الأباء الثكلى." النصوص المترجمة هنا من كتابه "الجيجولو الآتي من الكونغو ونماذج أخرى".

Saturday 18 June 2011

عن الغيرة بين الأدباء نتحدث

عن الغيرة بين الأدباء نتحدث

سهرا بلاو

ترجمة: نائل الطوخي

1

"أنتِ سخية جداً"، قال الكاتب الشاب الموهوب، "شكراً على الإطراء".

اذهبي واحكي له أن هذا الإطراء مغروز الآن في حلقك، وأنه يمكنك أن تري أمام عينيك سواء النقد الذي يمتدح كتابه "الرائع"، و"الذي يحقق طفرة"، و"الذي أعاد الثقة في الأدب الشاب بإسرائيل"، بينما أنت تجلسين وتحصين السنوات التي مرت منذ صدور كتابك الأول. ولكنك تطرينه، بالتأكيد. أن تقولي كلمات حلوة في آذان زهرة الأدب الشابة هذه، فهذا سهل جداً، دوماً ما كنتِ جيدة في هذا، ولكنت تعالي نراكِ هنا تكتبين اسمه واسم كتابه الناجح. أنت غير قادرة على هذا، صح؟

2

قرر حكماؤنا أن "غيرة الأدباء تزيد الحكمة"، (باب باب بترا في المشنا)، ولا يغير الأمر أن عصرهم لا يفاخر بغيرة الصحفيين، غيرة مذيعي التليفزيون، غيرة الأكاديميين، أو غيرة عارضات الأزياء. لقد عرفوا جيداً أن غيرة الأدباء هي الأخطر والأكثر تدميراً بين كل هذه الغيرات. اعترف أحد الأدباء ذات مرة بأن: "ماذا تبقى لنا بعد كل هذه السنوات هو العمل القاسي والمستنزف؟ لا نرى أموالاً من هذا، كل ما تبقى لنا هو الاحترام."

ولكن الغيرة هي الشعور الأكثر احتقاراً وإدانة بين الجميع.

3

يمكننا أن نكتشف تسامحاً معيناً تجاه التعبير عن الشر، الغضب، التباهي، الجشع، الكراهية، ولكن الغيرة دائماً سوف تعد هي الأخت غير الشقيقة. مرات كثيرة نختار ترجمتها إلى شعور آخر، نقول "أنا غاضب منه"، أو "لقد أحبطتني"، ولكننا لن نعترف أمام أنفسنا أن الحديث هو عن الغيرة من النوع المعتاد والقديم.

لماذا تحول إحساس بسيط كهذا إلى إحساس غير مشروع؟ هل لأنه يكشف عن شيء ما داخلي، غريزي ومظلم؟ هل لأن الحديث هو عن إحساس قديم جداً، بدائي جداً، بقايا قديمة من الصراع على البقاء؟

احتجت لسنوات للاعتراف أمام نفسي أنه يمكنني أن أغار، وأحياناً بقوة شديدة. نوبة الغيرة تشبه في جوهرها نوبات الخوف. عندما تهجم بكامل قوتها، عليك إغلاق عينيك والانتظار حتى تختفي. وسوف تختفي. دوماً ما سوف تتركِك ضعيفة وخاوية. ليس صدفة أنه يقال "قاسية كالجحيم الغيرة". الغيرة بالفعل هي جهنم على الأرض. ليمت من يغاروا؟ كانوا يريدون، صدقوني، ولكن بدلاً من هذا فلقد حكم عليهم بأن يواصلوا الحياة والغيرة.

4

والحياة في ظل الغيرة، ليست حياة.

إليكم مثالاً، تشاركين في واحد من تلك الأحداث الأدبية بمناسبة أسبوع الكتاب، هذا حدث كبير، احتفالي ومليء بالأدباء، وأي إعلان جميل نشروه في الجريدة! الأيدي مرسلة والعيون مرتجفة على أسماء المشاركين: عاموس عوز، أ.ب. يهوشواع ودافيد جروسمان (حسناً، واضح أنهم سيفتتحون بالثلاثي الأدبي الشهير)، وهاهو أيضاً يورام كانيوك، ميئير شاليف، تسرويا شاليف، يوخي برندس، حاييم بئير، ليئا إيني... القائمة تستمر، والآن يأتي الأدباء من الصف المتوسط. لا تتوقعين أن تجدي اسمك بينهم، تواصلين القراءة، هاهم الأدباء الشباب (ما أجمل مهنة الأدب، والتي تعد فيها أديبة في عمر الثامنة والثلاثين أديبة شابة)، ولكن أين اسمي، أين هو؟ عيناك تتعثران باسم شخص تعرفينه، وقهوة الصباح توشك أن تنسكب على الجريدة، ما الذي يفعله هذا الأمي هنا؟ وكيف كتبوا اسمه قبل اسمك؟ تواصلين القراءة وأنت تصرين على أسنانك وهاهو.. لا، لا يمكن أن يحدث هذا! المقالة انتهت. اسمك لا يظهر، أو ما هو أسوأ من هذا، إنه يظهر تحت العنوان المرعب "وآخرون". ها أنت جزء من هؤلاء الـ"وآخرون"، هؤلاء معدومي الاسم الذين يذيلون طرف المقالة. ربما كان يمكنك احتمال هذا بشكل ما، ولكن اسم هذا الشخص الذي تعرفينه والذي يلوح هنا بكامل مجده الأمي يمزق أمعائك.

5

على الأقل فإن الحديث هو عن إنسان تعرفينه وليس عن إنسانة تعرفينها. على قدر ما يكون موضوع الغيرة مشابهاً- فإن الغيرة تصبح أشد. ليس هناك أسهل من إطراء عجائز القبيلة، الأدباء المخضرمون الذين يمنع سنهم ومكانتهم من وجود أي عنصر تنافسي، الحكمة الحقيقية هي إطراء من يشبهك، من ينتمي لنفس الأرض، هذا الذي يمكن لنجاحه أن يأكل نجاحك. هكذا يكون دوماً إطراء أديب كبير أسهل من إطراء أديب شاب، وإطراء الرجل أسهل من إطراء المرأة، إطراء العلماني أسهل من المتدين. الأخطر دوماً من وجهة نظري هن الأديبات الشابات الآتيات من خلفية دينية واللاتي يهتممن بالهولوكست ويبدأ اسمهن بالسين. اندهشوا، هناك من هن على هذه الشاكلة، لا طبعاً، لا تحلموا بأن أذكر حتى مجرد اسم واحدة منهن.

وهناك أيضاً تلك الزاوية في التليفزيون، والتي أوصي فيها من حين لآخر بكتب جديدة رأت النور. لو كان فقط الأمر ممكناً كنت لأوصى بالكلاسيكيات المعاد نشرها فقط، ليس هناك أروع من إطراء الكتاب الذين لم يعودوا من الأحياء! كم إن الأمر يتوجك أيضاً بهالة المثقف. ولكنني أحاول محاربة غريزتي الأولية والتوصية بشكل حار بالتحديد بالكتاب الشباب (والشابات). "رائع"! أهتف أمام كاميرات الاستديو، "كتاب يمثل طفرة!"، أبتسم بعذوبة. وهكذا أصبح مرتبطة بهم، وهكذا لن يتوجه نجاحهم ضدي، وإنما على العكس، سوف يكون نجاحهم هو نجاحي، وأنا أوصي بالجميع، بالجميييييييييع! حتى تنتهي جميع سياط ضميري، أقسم لو أن ليل الغضب قد مر عبثاً[1]...

6

والأمسيات الأدبية، هي الأمسيات الأدبية التي تقام في أنحاء البلاد أمام جمهور مستمع. أجد نفسي وقد أخذ يشد من أزري أديب آخر، أتحدث بلطف عن الأدب، الإبداع، وغيره.

في الافتتاح أقدم نقاط ضعفي مثل أحدب يلوح بعاهته، "نشرت كتاباً واحداً والثاني في الطريق، وبجانبي الأديب X الذي أصدر خمسة كتب"، أبتسم ابتسامة مذنبة ويمر الحوار بلطف. بلطف جداً، حتى مرحلة الأسئلة. هذه المرحلة التي أبدأ في الارتجاف عندها، الأديب المحبوب الجالس بجانبي يتحول إلى عدو. من منا سوف يتم توجيه الأسئلة الأكثر إليه؟ من بين الجمهور سوف تشهد أسئلته على أنه قرأ الكتاب؟ ذات مرة، عندما توجهت أسئلة الجمهور واحداً وراء الآخر فقط للأديبة (الممتازة، ينبغي الإشارة)، التي جلست بجانبي، كان التوتر على وجهي واضحاً للغاية حتى إن أحد المشاركين أشفق عليّ، "سؤالي لسهرا"، قال وتنهد الجمهور كله بارتياح: "ما الذي تعتقدينه بخصوص كتابة م"؟

7

ولكن هذا لم يكن مقرراً له أن يكون هكذا. التفسير الأصلي لـ"غيرة الأدباء تزيد الحكمة"، يشير إلى التنافس الذي يجعلك تُخرج من نفسك الأفضل، وإلى الأحاسيس الإيجابية في أساسها التي تؤدي للترقي والإلهام. حدث ذات مرة أن امتلأت بالإلهام من كتابة الأدباء، ولكن الآن، فإن الحديث هو عن الغيرة، وأول غيرة في العهد القديم انتهت بالقتل.

الحكمة هي الاعتراف بهذا الشعور ومحاولة استغلاله لصالحك. في الواقع يمكن تعريف الغيرة بأنها الأخت الصغرى والقبيحة للدافع، القوى المحركة. لولا الغيرة، لم أكن أبداً لأنجح في أن أجلس وأكتب. كنت لأواصل القفز بين حفلات توقيع أصدقائي الأدباء بينما أتطلع إليهم بعيون خاوية، بيدي كأس من النبيذ الحلو وبحلقي طعم حمضي. ولكنني أردت، أردت جداً! وهذه الغيرة الحارقة، دفعتني لأن أفعل فعلاً. في لحظات الانكسار أثناء كتابة الكتاب، كنت أردد أمام نفسي مراراً وتكراراً "هل تريدين الذهاب لحفل توقيع جديد! تريدين الوقوف هناك مع نفس كأس النبيذ بيدك بينما تبتسمين نفس ابتسامتك الخاسرة للأبد؟ هل هذا ما تريدينه؟" هكذا ربما يكون عليّ أن أشكر هذا الشعور الصغير الحقير والمدان، الغيرة.

8

اسم الكاتب الشاب والموهوب هو مَتان حرموني والكتاب هو "شركة النشر العبري."

___________________________

ولدت سهرا بلاف عام 1973 في مستوطنة بني باراك لعائلة متدينة برجوازية. أديبة وإعلامية إسرائيلية. ولدت باسم "سارة" وأضافت الهاء -اسم الرب - في اسمها علامة على تدينها. تعمل في معهد دراسات الهولوكست في حيفا، حيث توثق حكايات الناجين من الهولوكست منذ ما يقرب من عقد. في عام 2007 أصدرت كتابها الأول "غريزة الأرض"، والذي يدور حول امرأة خلقة دمية شبيهة بالرجل. مقال بلاف منشور تحت عنوان "شركة النشر العبري: سهرا بلاو تتحدث عن الغيرة"، في صحيفة هاآرتس، تجدونه بالعبرية هنا.



[1] " حتى تنتهي جميع سياط ضميري، أقسم أن ليل الغضب لن يمر عبثاً "من أبيات قصيدة "النذر" للشاعر أفراهام شلونسكي، وهو من رواد الشعر العبري، كتب قصيدته ليصف الهولوكست.