Sunday 9 October 2011

أيفي ناتان.. قصة صاحب السفينة


نقدم هذه المرة ترجمة لصفحة من الويكيبيديا المكتوبة بالعبرية، عن أيفي ناتان، نشط السلام الإسرائيلي. ناتان، الإيراني الأصل، سواء اتفقنا معه أم اختلفنا، يظل صاحب قصة مبهرة ومليئة بالتفاصيل في السعي من أجل أهدافه. استمتعوا.

ترجمة: نائل الطوخي



أفراهام "أيفي" ناتان (29 أبريل 1927 – 27 أغسطس 2008) كان نشطاً من أجل السلام، نشطاً إنسانياً وطياراً في سلاح الجو الإسرائيلي.


طفولته وهجرته لإسرائيل

ولد أيفي ناتان عام 1927 لماتيلدا ويعقوف في مدينة أبادان بإيران. عندما بلغ 12 عاما، انتقلت أسرته لمدينة مومباي بالهند، ومنذ سن السابع عشر خدم في سلاح الجو الرسمي. أثناء حرب الاستقلال، تطوع كطيار لسلاح الجو الإسرائيلي، في إطار "متطوعين من الخارج". في عام 1951 تم إرساله لبريطانيا لتلقي تدريبات كطيار الموسكيتو الأول لسلاح الجو الإسرائيلي، واستقال من الخدمة العسكرية في نفس العام. في الخمسينيات عمل كطيار بـ"إل عال"، واستقال في ديسمبر 1958.

أقام ناتان في تل أبيب، سكن في 6 شارع هلفرين، وفتح مقهى باسم "كافيه كاليفورنيا"، الذي تحول لمكان ملتقي البوهيمييين في تل أبيب.


رحلة "السلام 1" الجوية

في انتخابات الكنيست السادس عام 1965، نافس ناتان للكنيست على رأس قائمة جديدة باسم "نيس" (معجزة بالعبرية)، التي كانت تشير على علمها إلى سعيها للسلام مع الدول العربية. ونقصه حوالي ألفين صوت من أجل الانتقال لنسبة الحسم والدخول للكنيست. بعد أن اتضحت النتائج، تعهد بأن يحصل على دعم شعبي، وبأن يطير لمصر مع رسالة سلام.

في 28 فبراير 1966 طار إلى مصر بطائرته الخاصة، والتي أطلق عليها اسم "السلام 1"، ونزل في بورسعيد. بعد عطل في الاتصال انتشر خبر في إسرائيل بأنه قد قُتل بعد انهيار طائرته أثناء هبوطها، ولكن بعد وقت قصير اتضح أن هذا الخبر خاطئ. لدى وصوله إلى مصر حُبس، وتم رفض طلبه بلقاء الرئيس جمال عبد الناصر لتقديم بيان يدعو للسلام له. في اليوم التالي كتبت صحيفة الأهرام: "لأجل تضليل العالم، فقد قدمت إسرائيل على المسرح كوميديا بلهاء، تقوم فيها بدور المخرج والممثل الرئيسي في نفس الوقت. وصل أيفي ناتان لمصر، مصحوبا بمباركة السلطات الإسرائيلية. هذا المهرج المثير للشفقة لا يستحق الاهتمام من جانبنا ولذلك فقد تم طرده عائدا لإسرائيل، وهذا هو الرد الوحيد الممكن تقديمه". تجاهلت باقي وسائل الأعلام المصري هذه الرحلة نهائياً. بعد يوم في بورسعيد تم طرده عائدا لإسرائيل مع طائرته، والتي وصل بها إلى مطار هرتسليا، الذي أقلع منه. في المطار كان ينتظره باسماً جمهور من ألف شخص. تم إيفافه في المطار على يد الشرطة بسبب مغادرته الحدود الإسرائيلية بشكل غير قانوني وتم الإفراج عنه فورياً بعد دفع كفالة. في نهاية شهر مارس 1966 قرر المستشار القضائي للحكومة، موشيه بن زئيف، ألا يحاكمه على طيرانه لمصر.


رحلة للتبشير بالسلام

ناتان الذي أصبح شخصية مشهورة في العالم، نظم رحلة عالمية لشهرين للتبشير بالسلام. في إطارها التقى في باريس بجان بول سارتر، وفي شمال ويلز التقى ببرتراند رسل. هكذا أيضا زار روما، نيويورك، موسكو، بلجراد وطُرد من تونس.



رجوعاً إلى مصر

في 28 يوليو 1967 انطلق أيفي ناتان بطائرته "السلام 1" من مطار نيقوسيا، ولمرة أخرى هبط في مطار بورسعيد بمصر. تم طرده من مصر بعد وقت قصير من هبوطه وطار إلى إسرائيل. مع هبوطه في مطار هرتسليا تم حبسه على يد الشرطة، فقد الوعي أثناء نقله للسجن في أبو كبير وعولج. في اليوم التالي، بينما يتم علاجه في مستشفى إيخيلوف، أطلق سراحه بكفالة خمسة آلاف ليرة. حوكم على رحلته الجويتين، أدين، وحكمت عليه المحكمة بضريبة 1400 ليرة أو أربعين يوم حبس، وكذلك الحبس لعام مع إيقاف التنفيذ. ناتان الذي أصر على أن يٌحبس كان سجيناً في معسياهو على مدار أربعين يوماً وأطلق سراحه في 18 يوليو 1968.


"صوت السلام"

في بداية 1973 حصل ناتان على سفينة، وأطلق عليها اسم "سفينة السلام". في 18 مايو، وفي السفينة التي رست أمام تل أبيب، في مجال المياه الإقليمية لدولة إسرائيل، بدأ بتشغيل محطة راديو كانت تبث موسيقى ومواداً تدعو للسلام، بدون التطرق للبرامج السياسية المادية والمواضيع المثيرة للجدل. بثت المحطة موسيقى حديثة لم تكن المحطات المؤسسية تكثر من بثها في هذه الفترة وحازت على شعبية. ربط ناتان المحطة ببرامج إنسانية، كانت نموذجاً تطوعياً للمحتاجين في المناطق التي يأكلها الجوع.

في أكتوبر 1973، أيام حرب يوم الكيبور، أمر ناتان بإبحار السفينة لنطاق بورسعيد، ومن هناك بثت المحطة نداءات لإيقاف الحرب.

في 1 أكتوبر 1993 اضطر ناتان لإغلاق المحطة، بعد مصاعب اقتصادية وقانونية. لم يوقف نشاطه واستمر سواء في النشاط الإنساني أو السياسي.

"صوت السلام" كان محطة الراديو المقرصنة الأولى في إسرائيل. لم يتم اتخاذ أية خطوة ضدها، لأن البث تم خارج الحدود الإسرائيلية.

في عام 1983 نافس ناتان على رئاسة بلدية تل أبيب- يافا. حصل على حوالي 7% من أصوات الناخبين، وحصلت قائمته على كرسي واحد في مجلس المدينة.


النشاط الإنساني

عمل أيفي ناتان على مدار سنوات طويلة من أجل سيئي الحظ في العالم الثالث، ونظم نشاطات إنسانية كثيرة.

في عام 1968 أسس "صندوق من أجل أطفال بيافرا"، الذي تضمن حملة لجمع التبرعات للحصول على غذاء في بيافرا بعد الكارثة الإنسانية التي حدثت هناك. في 1976 نظم برنامج لتوزيع الغذاء في كمبوديا، بعد الحرب الأهلية في الدولة. في 1985 أقام معسكرات خيام في أثيوبيا، بعد المجاعة الثقيلة التي هاجمتها. في نفس العام، أقام في كولومبيا مصنعا لإنتاج الألبان، بعد الزلزال الذي ضرب الدولة. في منتصف التسعينيات، ساعد في إقامة معسكرات للاجئين في زائير ورواندا. في إسرائيل، نظم برامج إنسانية، مثل تزويد العجائز بالمواقد، إخلاء قرية جميلة من المخدرات وساعد في منظمات تطوعية مختلفة (إيلان، ياد سارا وغيرها).

بغرض تنفيد البرامج انسانية، نظم حملات تبرع كثيرة من أجل طلب الدعم المالي في الولايات المتحدة، إسرائيل وأنحاء العالم.


لقاءات مع منظمة التحرير الفلسطينية

في عام 1978، أضرب ناتان عن الطعام احتجاجا على إقامة المستوطنات. في الثمانينيات بدأ في إقامة الاتصالات مع رجال السلطة الفلسطينية، وهو الأمر الذي أدى لسن تشريع ضد هذه اللقاءات. واصل أيفي ناتان لقاءاته مع رجال السلطة الفلسطينية، بل وتم حبسه لمدة قصيرة بسبب هذا.

في عام 1991 أضرب لأربعين يوما عن الطعام احتجاجاً على التعديل الثاني لأمر منع الإرهاب (والذي أطلق عليه "قانون اللقاءات")، والذي منع اللقاءات مع منظمة التحرير الفلسطينيين. بعد تدخل رئيس الدولة، حاييم هرتسوج، أوقف إضرابه. واصل اتصالاته مع ياسر عرفات ورجاله، وفي 18 سبتمبر 1991 تم اتهامه بالإخلال بأمر منع الإرهاب وحُكم عليه بالسجن لـ15 شهراً. على خلاف نشطاء السلام الآخرين الذين حوكموا بنفس التهمة، مثل المشاركين في اللقاء مع رجال السلطة الفلسطينية المنظم في رومانيا بنوفمبر 1986، فلقد اختار أيفي ناتان عدم الاستئناف على الحكم وإنما الذهاب للسجن فورياً. تم حبسه في سجن معسياهو، وأطلق سراحه قبل انتهاء فترة حبسه، وفي أثناء كل فترة حبسه أقامت حركات السلام مظاهرات دعم أمام سور السجن في كل يوم جمعة. كان لحقيقة سجنه، ولحقيقة أن سياسيين إسرائيليين بدأوا في اللقاء مع رجال السلطة الفلسطينية، دور في الجدل العام حول صرامة "قانون اللقاءات"، وفي نهاية الأمر تم إلغاء القانون.


سنواته الأخيرة والتخليد

في 1997 أصيب ناتان بخلل عقلي أثناء وجوده في الولايات المتحدة. الخلل تركه صامتا نسبيا. في هذا العام حصل على "جائزة نورمبرج لحقوق الإنسان".

في شهر مارس 2005 استلم ناتان من قائد سلاح الجو، العميد إليعازر شكيدي، "الأجنحة الذهبية"، التي تمنح للطيارين الذين مر خمسون عاما على استلامهم للطائرة.

في 27 أغسطس 2008 توفى ناتان في مستشفى إيخيلوف بتل أبيب. تم دفنه في مدافن كريات شاؤول بتل أبيب.

الأرشيف الشخصي لناتان، تضمن تفاصيل عن سفينة "صوت السلام"، وهو موجود بياد يعري بجفعات حبيبة (الأرشيف المركزي لحركة هاشومير هاتساعير).

أغنية "دون كيشوت" الشهيرة بتوزيع أريك أينشتاين تمت كتابتها عن أيفي ناتان، كتبها يهوناتان جيفن ولحنها شيم طوف ليفي. كذلك تمت الإشارة إليه في أغان أخرى من توزيع أينشتاين: "سوف يكون"، "كان الأمر جيدا لنا، سنكون نحن سيئين لنا". أغنية أخرى كتبت عنه وعن محطة صوت السلام ومعروفة بتوزيع جالي عتري هي "مكان ما"، كتبها دودو توباز ولحنها كوفي إشرات.


خبر صحفي عن لقاء أيفي بعرفات. عناوينه: أيفي وعرفات تحدثا
لـ45 دقيقة
أيفي طلب من رئيس السلطة الفلسطينية الرد على 15 سؤالا قدمها له. تسيحي هانجفي:
هذه بصقة أخرى في وجهة المنظومة القضائية


عائلته

في عام 1950 تزوج أيفي ناتان لفترة قصيرة من روزي شفارتس، وولدت له بنت عن هذا الزواج، شارونة.

بعد أربعين عاما من ولادة ابنته، في الستينيات من عمره، ولدت لناتان ابنة أخرى – ياسمين باينجولد، وهي بطلة إسرائيل في التجديف. أم ياسمين، إليزابيث، كانت سكرتيرة ناتان في محطة الراديو "صوت السلام". في البداية لم يعترف بها، ولكن في عام 1989، بعد أن قدمت الأم ادعاء أبوة ضد ناتان، تلقت أخيرا تأييده.