Friday, 6 August 2010

كتمدد الدودة أمام الإله

سارة كُوي

ترجمة: نائل الطوخي

مخابئ

الطفلة الصغيرة تستطيع الاختباء في الخزانة أو تحت السرير. أين يختبئ رجل يبلغ الثلاثين؟ ربما فقط في عمق روحه، في استدارة عدسة صغيرة بقلبه. هناك لن أجده. سأمرر يدي على صدره ولن أشعر بشيء. يداي لن تلمسا، عيناي لن تريا استدارة العدسة الخفية. الرجل يختبئ بداخل نفسه، يختبئ جيدا جدا، لن يشمه الكلب البوليسي، المخبر لن يحدد موقعه. مريضة أنا بشوقي إليك. أبحث عنك في قاع كوب شايك. ربما غرقت مثل ماء السماء، ألقيت بنفسك داخل الكوب. ألحس الكوب خلفك. أغسله بلساني الطويل، بدون أي ذكر، أي ذكر لوجودك. في عقب السيجارة الذي تركته، أبحث عنك. أمص العقب كمصّ القضيب المحبوب ومذاقك يتسلل لفمي وأنت لست بموجود. فراغ. الطفلة الصغيرة يمكنها الانفجار في البكاء، النحيب ومناداة أمها. ما الذي يمكن لرجل يبلغ الثلاثين أن يفعله. ربما فقط يقول: سأذهب لغرفتي وأغلق الباب، أن يغلق الباب خلفه. وأنا أتمدد أمامه، أمام باب الهيكل المقدس، كتمدد الدودة أمام الإله. بدون أي ثغرة، أي شريط من النور من تحت الباب، الظلمة بالداخل، الظلام الدامس، العتمة. وأنا أجري، أجري للاختباء في الخزانة والبكاء، وأنت تخرج بعد ساعة وتبحث عني في كل البيت. وهذا سهل، سهل جدا. لأن الخزانة تبكي. لأن من تحت السرير ثمة يدا ترتعش. لأنك رجل ولديك علم، لديك كل علم العالم بكيفية العثور عليّ.

حلم مديني

سرت وراءكِ، يدي بيدكِ، ورأسي كانت بيضة متأرجحة على رقبة دقيقة. كنت الطفلة الصلعاء الوحيدة في الشارع، المنقادة الوحيدة. توقفنا بجانب محل الخضروات وغرست أسناني في تفاحة حمراء كبيرة ولحيمة. رأس محلوقة كبيرة كبيضة وأسنان مغروسة في ثمرة صلبة. تأخذين الثمرة من يدي وتعتذرين للبائع. "ليست طفلتي"، تقولين. والجميع ينظرون إليّ ويعرفون أنني لست طفلتك. أدير نظراتي وأسقط للخلف. لا ترفعينني. لأنني لا أنتمي لك. تداهمني نوبة، رأس صلعاء على وشك الانكسار كبيضة. الجميع ينظرون إلي ويقولون: هذه طفلة لا أحد. لا أحد يريد الاهتمام بها. من أسفل، من عينين نصف مفتوحتين، أرى وجهك مكللا بالتفاح الأحمر. تتذوقينه وتعضينه، وهذا حلم آخرة الأيام. تنتهي النوبة، أقوم وأنجرّ خلفك، إلى محل الخبز. لعاب يسيل على قميصي وأهمس للمارة، كي لا يخطئوا: أنا لست طفلتها. أنا طفلة لا أحد.

تلميذ الموت

أتزلج على الأرض الرطبة كأنني على الثلج. تقف في وسط البيت ونظرتك صافية. لديك فكرة واضحة ومحددة عن العالم حولنا. الفكرة لا تشملني. لا تشمل أي شيء حي. لديك فكرة واضحة وومحددة فقط عن الأشياء الواضحة. وأنا أمر على وجهك كالضباب، كسلسلة نجوم غائمة.

ألعب على الأرض الرطبة كالمتخلفة عقليا وأنت ترى مربعات مربعات، وبينها ظلي يطير ويختفي. تعتقد أنك ترى أشياء. أن هناك روحا خفية في المربعات، الروح القدس تحل على البناء المكتمل. لا، هذه ليست الروح القدس. هذه أنا أرقص ببنطلون قصير وفانلة. أرقص بكل العوالم الممكنة، لعبتي يعرفها جيش السماء. أتجاوز المربعات وأقطع الخطوط، لا قوانين أمامي وأنت أعمى.

أتزلج على أرض رطبة كما في الأساطير. وتقول أنني مصابة بالأوهام. أنا أثق بك، وسأصاب دائما بالأوهام! والرب موجود في الأوهام، والروح تحلق، والحيوانات تتحدث. والجهاز يرتعش، وأنت عار، فقط في الأوهام أنت عار!

تبتسم وأنا لا أقول شيئا. تعتقد أنني مخطئة، أنني لا أرى المربعات، أنا أرى كل شيء شفافاً، والرب وجنة عدن، وكل شيء كذب، قصائدي كذب، والرقص على المياه. لديك فكرة واضحة ومحددة عن كل شيء في العالم. أنت. تلميذ. الموت.


_____________________________________________

شاعرة. ولدت عام 1974 في أوكرانيا، درست الأدب هناك وعملت محررة صحفية، هاجرت إلى إسرائيل عام 1996. درست السينما في معهد تل حي، ولكنها لم تكمل دراستها. بدأت في الكتابة بالعبرية عام 2000، وفي هذه الفترة أصيبت بعدد من الاضطرابات النفسية التي دفعتها لمحاولة الانتحار عدة مرات. أنشأت مدونتها "בנות מתות.. بنات ميّتات" عام 2008 ومن خلالها بدأت حالتها النفسية بالتحسن حتى توقفت تماما محاولات الانتحار. نشرت لها عدة نصوص مؤخرا في دورية "مِطاعم" النقدية اليسارية. النصوص المترجمة هنا مأخوذة من مدونتها.

2 comments:

  1. حلوة نصوصها يا نائل ...شكرا

    ReplyDelete
  2. يالها من كوهينه
    التدوين علاج فعلاً
    وكل عام وأنت بخير حال

    ReplyDelete

comment ya khabibi