كيف يرى القاتل مأساة ضحيته؟
ربما يكون هذا هو السؤال الأساسي للكتاب الصادر في إسرائيل بعنوان مستوحى من العهد القديم "لا تخبروا في جت. النكبة الفلسطينية في الشعر العبري 1948 – 1958". الكتاب، الذي صدر عن دار نشر سدق وحرره أستاذ الأدب العبري حانان حيفر، يتضمن القصائد العبرية المكتوبة من يناير 49 حتى ديسمبر 1958، وتحضر فيها بشكل مباشر أو غير مباشر، آثار النكبة الفلسطينية، التي تمر غدا ذكراها الثانية والستون. هكذا تمت دراسة وجمع المجموعات الشعرية والصحف العبرية منذ 30 نوفمبر 47 وحتى نهاية 58. وقام بهذه العملية موران بانيت، أيمن سكسك وماتي شموئلوف.
لا يكتفي الكتاب بنشر هذه القصائد وبدراسة مطولة أعدها حيفر عنها (عن كيفية التعاطف مع الألم الفلسطيني، وفي نفس الوقت تجنب أية محاولة لتخفيفه)، وإنما يأتي بشهادات لفلسطينيين وفلسطينيات عاشوا النكبة وشاهدوها بأعينهم، يحكون عن فلسطين ما قبل 48، عن طردهم من أرضهم، عن حياتهم بعدها، وهي الشهادات التي نشرتها مسبقا جمعية "زوخروت – يتذكرن"، هكذا يتجاور الصوت العربي واليهودي في الكتاب، الصوت العربي الذي يعرض المأساة بكامل بشاعتها، والصوت اليهودي الذي يتعاطف مع المأساة، ولكنه لا يفعل شيئا لتخفيفها، بالعكس تقريبا، يعي هو أنه الوحيد المستفيد من هذه المأساة.
الصدمة هي المصطلح الأساسي في دراسة حيفر، النكبة بوصفها صدمة عصبية Traumaلا تروح آثارها، ولكن أيضا الصدمة اليهودية، أي الهولوكست، كيف تعمل الصدمة الأولى مقترنة بالثانية، كأنه ليس للفلسطينيين من ألم يخصهم، أو كأن ألمهم مقترن دائما بالألم اليهودي الذي حدث في المحرقة.
قبيلتنا تغير جلدها
واحد من أشهر الشعراء العبريين هو ناتان ألترمان (1910-1970). وهو الشاعر العبري القومي الأكبر بعد حاييم نحمان بياليك، والمعبر عن التاريخ الإسرائيلي (من وجهة نظر الحزب الذي ينتمي له، مباي، بالطبع). في إحدى قصائده بديوان (مدينة الحمامة) الصادر عام 1957 يكتب ألترمان:
ووجه العجوز يظهر (سعادة هي البذر)
ووجه صبية حاد كحجر صوان،
وقبيلة، ولدت في الطرد والأحكام
تغير جلدها، تستعد للوراثة ولإطلاق الأحكام.
يشرح حيفر القصيدة، والتي يتحدث فيها ألترمان عن قبيلة اليهود التي يتماهى معها الشاعر:
"ألترمان يعرض في قصائده صوتا صهيونيا يهوديا، صحيح أنه يتعاطف مع المعاناة الفلسطينية ولكنه مع هذا لا يستطيع محو حقيقة أنه هو من تسبب في النكبة وهو الذي منع العودة الفلسطينية. الموقف المفارق في الصوت السائد في قصائد "مدينة الحمامة" يتضمن فعلا الصوت اليهودي الصهيوني، الذي يصف من وجهة نظره أحداث الحرب، ولكن صاحب هذا الصوت هو أيضا العامل الأساسي في هروب الفلسطينيين وطردهم. هو من هزمهم في الحرب. بكلمات أخرى، فالصوت السائد في "مدينة الحمامة" هو صوت الشاهد على الصدمة وفي نفس الوقت هو صوت الشخص المسئول عنها."
في قصيدة أخرى له بنفس الديوان يكتب ألترمان:
وقناص ينزل بيننا من السطح
متحسسا يقترب وذراعه ممزقة
وعيناه تنطقان بالخوف، كأنه في الليل
يصارع حيوانا مفترسا وحده
خوف القناص هنا شديد، كما يصوره ألترمان ويفسر حيفر، لدرجة تشبيهه بمن يصارع وحده حيوانا مفترسا. فى نظرة إلى الخلف، يضيف حيفر، نجد ألترمان يسترجع صدمة المحاربين في المعركة وليس صدمة المطرودين، أي صدمة اليهود وليس الفلسطينيين: "تعقيد موقف المتحدث في القصيدة، سويا مع جهده للتنصل من مسئوليته الشخصية عن الصدمة، تضع المتحدث في موقف الشاهد، من يشهد على حدث عاشه أو شاهده. شهادة المتحدث مزدوجة، فهو شاهد على صدمة الفلسطينيين كأنه ينظر من بعيد ، وفي نفس الوقت فهو يشهد أيضا على نفس الحدث بوصفه عاشه. ... هذه الأشياء تصل إلى درجة أنه عندما يصف الصدمة الفلسطينية فهو يصف فوراً الكارثة التي تنتظر اليهود من الفلسطينيين:
وتستعد [الكارثة] لأن تقلب وجهها،
مع أية علامة لاختلاف القدر
وأن تندلع وأن ترمي أحجارها
كالمطر، وتجتاح كالموجة
وعندما يشير ألترمان إلى الاضطرابات التي حدثت في الناصرة عام 1955 فهو يبدو ظاهريا متعاطفا مع الفلسطينيين، ولكنه من ناحية أخرى يبدو مبررا لقيام الحكم العسكري، والذي فرض على الفلسطينيين داخل أراضي 48 منذ 48 وحتى 67:
نعم، عرفنا جيدا: في قلب عرب دولة إسرائيل
ثمة جمرات لن تنجح "أية رياح" في تبريد حرارتها الطبيعية
هناك حرق ذكرى الهزيمة، هناك حرق الحكم الأجنبي وحرق المدينة والتل
اللذان أصبحا من نصيب الآخر. وأي تطوير ورخاء لن ينسياهم هذا.
حيلة أخرى يلجأ إليها ألترمان لكي يدعي بوجود اليهود الأبدي على أرض فلسطين حدثت في وصفه لجنوب تل أبيب، كما يشير حيفر، كما لو أنه مكان عاش فيه اليهود دائماً أبداً. وأكثر من هذا، فلأجل إظهار السيطرة اليهودية على جنوب تل أبيب يضع هناك يهودا من أصول شرقية لكي يخلقوا الاستمرارية بين العرب واليهود، وبهذا يمحو التمييز الحاد بين الأرض العربية والأرض اليهودية.
للفلسطينية صوت
الكارثة الصافية، من وجهة نظر ضحيتها المباشرة، تنقلها لنا غوسطا دكور، من قرية ترشيحا الفلسطينية والمولودة عام 1930، في شهادتها الواردة في الكتاب:
"دخل اليهود في البداية لمعاليا ثم جاءوا إلى ترشيحا. دخلوا لترشيحا بالسيارات. أغلب القرية كانت خالية. قبلها كانوا قد قصفوها من الجو. القصف أصاب المسجد وقتل بالتقريب 18 شخصا. طلب أناس من القرية من أبي أن يأتي للمسجد للمساعدة في دفن الجثث قبل أن تتعفن. هو وآخرون حفروا بئرا ودفنوهم. هرب جيش الإنقاذ من ترشيحا في الثامنة صباحا. جلست مع أبي وشربنا قهوة. انتقل جنود جيش الإنقاذ إلى جوار البيت. قال أبي لهم، إلى أين يا شباب؟ لم يردوا. قال لهم، اذهبوا، الله لا يوفقكم. قال لي كفى، كل شيء انتهى. في الصباح جاءت الطائرات وفجرت ترشيحا."
"جاء اليهود من اتجاه جبل المجاهد. كانت في القرية روسية اسمها دوفي، كانت زوجة أبو إياد. قال الناس أن الجيش الروسي احتل القرية، ودعوا دوفي لكي تتحدث معهم. عندما غادرنا ترشيحا لم نفهم شيئاً. أثناء التفجيرات الأولى للقرية، في الخامسة صباحا، كنت قد أصبحت واعية أنني أريد أن أخبز خبزا للطريق. جلس أبي وشرب قهوة. دخل أبو محمود الهواري. ركض وصرخ وقال، بيتك راح. خرجوا ليروا ماذا جرى، وأنا من خلفهم. كانت له أخت اسمها فوزية. كانت الأولى التي أخرجوها. لم تكن محترقة. ولكن عندما أخرجنا زوجة كمال وابنه، كانا محترقين. الكثير من الناس ماتوا في هذا التفجير، حوالي 18. شابة تبلغ 13 عاما كانت حاملاً، قفزت من النافذة. جاءوا، غطوها ببطانية وأخذوها، لم يتمكنوا من دفن كل الجثث، لأن قصفا آخر بدأ، فكوموا الجثث. فاطمة الهواري أصيبت مرتين، ونجت من الاثنتين. في الأولى أصيبت في ظهرها. أخذوها لبنت جبيل وهناك تعافت. في الثانية دفنت تحت الأنقاض. سمعناها تقول، حركوا الأنقاض قليلا، أنا مدفونة تحت. أثناء القصف الثاني كنا في وادي سوحماتا. مات الناس هناك وهم يحاولون الهروب. الوادي كان يابسا. الطائرة كانت تقصف ونحن مختبئون تحت أشجار الزيتون. أشجار الزيتون كانت سوداء، وخالي قال لنا أن نأكل من الزيتون كي لا نظمأ. سرنا حتى وصلنا لأختي، والتي كانت تسكن في بقيعة. اليهود كانوا يقومون بالتفجير بين وقت والآخر. الرجال ماتوا في الطريق. إخوتي هربوا إلى لبنان. الشباب أساسا هم من كانوا يهربون للبنان. امرأة واحدة، وهي زوجة رفعت، وهي تعيش حتى اليوم، كانت مع زوجها وأطفالها الثلاثة أثناء القصف، ماتوا ونجت هي. كانوا يحتاجون لرفعها. لم تستطع السير. ولكن مع الوقت تعافت، وتزوجت رفعت وأنجبت أطفالا."
اليمين يشارك أيضاً
نموذج آخر من الشعراء الإسرائيليين هو نموذج الشاعر ش. شالوم، الذي يمتدح بلا كوابح الاحتلالات التي قام بها اليهود للأرض العربية، حين يقول:
لقد قامت، لقد أقيمت، نبوءة الشعب!
أجفان يوم جديد تطل على البحر!
من أكتاف الجولان، من وديان دان وإيلان
توقظ نصيب الأجيال المنسية من نومها الثقيل
من الخليل وحتى أرئيل
اليوم نور في دولة إسرائيل
امتداح الاحتلالات التي قامت بها إسرائيل يتم عرضه دوما مع البديهية التي تقول أن إقامة دولة إسرائيل حدثت ردا على الهولوكست، وتنتهى، إذن، بتمثيل ضحايا الهولوكست. هكذا، وحتى إذا كانت القرى قد تم احتلالها وأخذها من أيدي "العدو" الفلسطيني، فإن هذا العدو يتم إبعاده لصالح عدو آخر. هذا هو الإبعاد الذي يجعل الفلسطينيين يحضرون، حتى يمكن إخراجهم، ومن ناحية ثانية يتم إخفاؤهم خلف عنصر بديل، يسهم تضمينه بالرواية الصهيونية في دعم عدالة إقامة دولة إسرائيل، كما يشير حيفر.
حساسية معينة تجاه المصير الفلسطيني، تظهر بالتحديد في قصيدة "القافلة تمر في القرية" للشاعر اليميني يتسحاك شاليف (1957). يتمادى شاليف لدرجة كتابة قصيدة بصوت الجمع العربي. صحيح أن هذا احتكار للمصير الفلسطيني، ولكنه من ناهية ثانية فثمة هنا محاولة لإعطاء الفلسطيني صوتا خاصا به. يختار شاليف البدو الجائلين موضوعاً لقصيدته، وهكذا يستطيع عرض تجوالهم ليس كنتيجة للحرب بالتحديد وإنما كقدر ثابت للبدوي، برغم أنه حتى البدو قد تم طردهم من أراضيهم على شاطئ الساحل وفي النقب. التجوال كقدر أيضا يحضر في قصيدة شموئيل شيتيل "في الطرق الغريبة"
غادروا. غادروا باب بيتهم
أو أنهم إلى باب بيتهم لم يصلوا.
في المساْ، في الظلمة، في الطرق الغريبة-
غادروا وغادروا باب بيتهم
وإلى باب بيتهم لم يصلوا
التفسير الشيوعي للنكبة
ثلاثة شعراء يهود، هم ألكسندر بن ومردخاي آفي شاؤول وحيا كدمون كانوا أعضاء في الحزب الشيوعي الإسرائيلي، كتب الثلاثة عن النكبة الفلسطينية بطرقهم الخاصة، والتي تجمعها الرؤية الأممية للصراع. ويحلل حيفر نبوءتهم عن السلام الذي سيحل على الشعوب: " التوجه الأممي لألكسندر بن يفسر النكبة وما أتى في أعقابها كحدث ليس المسئول عنه هم البشر وإنما حكومتا الأردن وإسرائيل. الاثنتان معروضتان كعدوتين للشعوب. فعليا، فبواسطة تحرير الشعوب من المسئولية عن الكارثة يعالج بن صدمة 48 ويرممها، أي، كأنه ينهيها، وبهذا يجعلها غائمة، لأن نقل المسئولية من الشعب إلى نظام الدولة ينتج تشابها أممياً بين الجاني والضحية."
الثلاثة من وجهة نظر حيفر مأخوذون بالتفسير الشيوعي للحرب كصراع ضد الإمبريالية، وهم يحافظون في نهاية الأمر على انفصالهم عن الرواية اليهودية من ناحية وعن الرواية الفلسطينية من ناحية أخرى. وبهذا فهم مخلصون للخط السياسي للاتحاد السوفييتي الذي دعا لحل دولتين لشعبين ودعم خطة التقسيم، ولكن بسبب هذا فهم يلاقون صعوبة فعلية في عرض الصدمة الفلسطينية من وجهة نظر يهودية.
عن الأرض والقتل، الناس والطبيعة
واحد من أهم الشعراء الإسرائيلييين هو الشاعر حاييم جوري والمولود عام 1923، وهو كان عضو حركة العمل داخل حزب مبام، يصف في قصيدته "الطريق للبستان، 1950" المشاهد الطبيعية في فلسطين، ويتطرق ولو قليلا إلى ضياع الفلسطينيين كأبناء الأرض، ولكنه – في نهاية الأمر - يسمي أرض فلسطين "أرضي":
وهذا هو الدم في شق شفتي
وملح العرق كالدمع المرير
الجمرات متروكة في باب المغارات
والسرو مضروب في طريق أرضي
يضيف حيفر: "بدلا من الحديث عن الرجال الذين أجبروا على ترك هذا الحيز، فإن جوري يكتب عن الحيز نفسه، ... عن الطريق الترابي المهجور أو عن المشهد الطبيعي المهجور، بدلاً من الحديث عن الفلسطينيين المطرودين، فهو يشير إلى ارتفاع الأشواك في الموقع المتروك والتي وصلت لارتفاع الإنسان، وبدلا من الحديث عن بيوتهم المسروقة، فهو ينشغل بما هو قريب من البيت، أما أشجار التين فهو يصفها كمملكة ضائعة."
لنقارن هذا بشهادة الفلسطيني حسن العجو، الواردة في الكتاب. ولد العجو عام 1930 في اللد: قليل جدا من المشاهد الطبيعية، كثير جدا من القتل:
"رأيت بعيني جثث رجال متورمة في الشارع، عندما تجولنا للبحث عن طعام في البيوت التي هرب منها الناس. رأينا داخل البيوت عجائز متورمين وموتى. أخي أبو معيد ركل بالخطأ بطن شخص ما، عندما كنا نبحث عن طعام. انفجرت البطن. كانت منفوخة ومنفجرة. وفي بير الزبك أيضا في الطريق إلى البيت رأينا الكثير من الجثث. ذهبنا عندئذ إلى عائلة عجو في نهاية اللد. بقينا هناك في الكروم على مدار شهر تقريباً، بلا عمل، بلا قمح أو شعير، بلا أي شيء. عبرنا البيوت التي تم اقتلاع الناس منها لنبحث عن أكل. قطفنا خضروات تركها أصحابها. في أحد الأيام وصلت دورية من الجنود، احتضنتنا أمي ، جاء يهودي وقال أنه يريد إطلاق النار علينا. قال له الضابط، لا تطلق عليهم، أنا أعرف أبو العبد. قال لأبو العبد اسمع، ممنوع عليكم البقاء هنا. إذا جاءت دورية ستطلق عليكم النار. قال أبو العبد له، نريد العودة لمدينتنا اللد. قال له الضابط، لا. هناك معارك في اللد، حدثت مذبحة كبيرة في المسجد، والجيش هناك. إذا ذهبت هناك سيطلقون النار عليك. اذهبوا للرملة. توجهوا. غدا صباحا سأذهب معكم هناك مع الجيش حتى نأخذكم للرملة. في صباح اليوم التالي جاء الجيش. ذهبنا للرملة وبقينا في ساحة الكنيسة هناك. بعد عدة أيام عدنا. بدأوا في توزيع شقق علينا وإحاطتنا بالجدران. حكم عسكري. لا دخول ولا خروج. وجدنا شقة كبيرة وسكنا بها. بعد وقت ما بدأوا في الإعلان عن طريق مكبرات الصوت أن كل السكان عليهم النزول لساحة معينة بأمر المحكمة. تجمعنا هناك كي يعطونا بطاقات هوية. بقينا من الصباح حتى المساء. كان الجو حارا. بقينا. من ظمأ وأراد الشرب مسكين، ليس لديه ماء. من يريد الأكل ليس هناك طعام له. بقينا طول اليوم. بعد الظهر جاء جنود يهود وبدأوا في التسجيل، ابن من أنت، كم تبلغ. قالوا أن من يريد زراعة الأرض فليعثر له على قطعة أرض ويزرعها. الأرض ليست ملكنا، ولكن الحكومة أعطت لكل منا عدة دونمات كي يزرعها. الحاكم العسكري أعطى الإذن بالزراعة والعمل. كانت مكاتب الحكم العسكري تقع محل بنك ديسكونت الذي أغلق وتحول إلى مطعم. أخي أبو إبراهيم كان يذهب هناك كل جمعة في المساء. بعد السادسة كان ممنوعاً علينا الخروج من البيت. من رأونا بعد السادسة في الخارج، كانوا يطلقون النار علينا أو يدخلوننا السجن."
سوف نضرب ذاكرتهم
في واحدة من أكثر الشهادات الفلسطينية تأثيرا يتحدث إسحق الخطيب، والمولود في عين كرم عام 192، عن صدمة زيارة الفلسطينيين لبيوتهم، التي استوطنها اليهود بعد الحرب. يحكي:
"عندما دخلت القرية للمرة الثانية، سكت متألماً. لم أصرخ ولم أبك. تمالكت نفسي أمام بنتي وحفيداتي. طرقنا على الباب. كان الوقت متأخرا، حوالي التاسعة. خرج رجل عجوز. قلت له أننا جئنا للزيارة بدون تنسيق، ولكن هذا بيتي. قلت هاتين الكلمتين وتجولت. لم أدخل البيت. لهذا لا يمكنني تمالك نفسي عندما أتحدث عن عين كرم، حتى الآن."
"هذا سؤال يواجهه الكثير من الإسرائيليين. الكثير من الفلسطينيين يطرقون الباب ويقولون، هذا بيتي. هذه الزيارات تفيدنا. بعد خمسين سنة نقول، هذا بيتي. حتى للجدد الذين لايعرفون القصة، يقولون، اشترينا هذا البيت ولا يهمنا الباقي. أنا مع أن نواصل الزيارات برغم الصعوبة، وبرغم أننا ربما لن نستطيع تحمل العبء الشعوري. هم يعتقدون أن هذه أرضهم منذ ألفي عام. نحن سوف نطرق على الباب ونضرب ذاكرتهم ووعيهم. سنقول لهم أن هذه الأرض التي تقيمون بها هي أرض مسروقة."
نائل الطوخي
المقال منشور في جريدة أخبار الأدب اليوم بتاريخ 15-5-2010
صباح الخير نائل
ReplyDeleteأعتقد أنه عندما يختلف العرق أو تتعارض المصالح فقد دأب الفاتحون والغزاة على الاستعداد المعنوي للقضاء على العدو برسم صورة تتيح قتله دون أدنى حد من الشفقة أو الرحمة بل يتم تصور عملية القتل على انها مهمة سماوية أوصى بها الرب
ولم يقتصر الأمر على الصهيونية فقط ،فأنت أعلم مني بالأدب الفارسي وكيف صور العرب عى أنهم البدو المتوحشين» الذين دمّروا حضارة ايران الساسانية. أو هم مجرد «حفنة من آكلى السحالى، الحفاة العراة الذين يقطنون الصحراء..» كما كتب ميرزا آغاخان كرمانى. وصادق هدايت، أشهر كتاب إيران المعاصرين يصف العرب بـ «المتوحشين» والقساة والمتعطشين للدماء والموبوئين والقذرين والبشعين وأصحاب «الجلود السوداء والمتخلفين». والروائى محمد على جمال زاده يصف العرب بـ «المتخلفين والقساة»، وسخر من شخصية العربى فى كتابه «الفارسية سكر» واصفاً إياه بـ « قطة بيضاء تقعد ملتوية على كيس من غبار الفحم». و تندر مستحقرا الجنس العربى قائلا: «العربى فى الصحراء يأكل الجراد مثلما يشرب كلب اصفهان المياه المثلجة»
وغيرها من الأراء التي تصب في خانة قتل أي حس للرحمة بالعدو
مودتي.
الله ينور
ReplyDeletegreat topic,
ReplyDeletethanks
ليه يا خــــــــبيبي ماتردش وتقول حتى ميرسي المرور
ReplyDeleteنولا
Loved reading thiss thanks
ReplyDelete