Sunday 27 February 2011

ما الذي كان يعنيه الشاعر؟


يورام كانيوك

ترجمة: نائل الطوخي

الأبيات الأكثر قوة التي قرأتها مؤخراً هي في ديوان "المحاسبة"، الذي كتبه البروفيسور فيليب روزانو: "القبرة تعشش، على سقف المحارق. ما الذي كانت تعنيه؟" روزانو، وهو يقوم بدراسة وتدريس الرياضيات الفيزيائية، أو العكس، بجانب عمله العلمي الشهير على مستوى العالم، فهو يعتبر شعره القيمة العليا في حياته. صحيح أنني أفهم بشكل بسيط في الشعر ولكنه شاعر رائع يربط العلم بالعالم الشعري المنتحب والهش.

جاء روزانو صبيا من بولندا مع هجرة جومولكا1 إلى إسرائيل، وكان عليه الصراع بلا لغة مع إسرائيليين معتزين بنفسهم. بين كل الشعراء الجدد في البلاد، فهو في نظري الأكثر يهودية. لديه ميزة القوة العبرية ولكنه يحلم باللغة اليهودية. أعرف أن هذا ليس صحيحاً أن يحكم رجل صغير مثلي على مميزات شاعر، ليس معروفاً بما يكفي، ولكن هذا ما يخطر لي.


ولأن في قصائده قوة مختلفة، إسرائيلية يهودية، وربما بولندية أيضاً. فهذه القبرة ترافقه لكل مكان وهي، أعتقد، قبرة تغرد على سطح المحارق، في المكان الذي ظلت فيه بقايا عائلته. جعلني هذا أفكر في أبناء عائلتي، الذين تبقوا في مكان مشابه. ستون فقط من جانب أبي.

ولكن هذا ليس ذوقاً رفيعاً من الناحية الشعرية أن تكتب قصيدة عن شيء ما ليس له معنى أو تفسير أو قابلية للفهم. هو يكتب "سأتعلم الحديث بكلمات أخرى". وفي النهاية يضيف اكتشافاً مناسباً: "لم أكن في حركة شبيبة، وإنما في حركة متواصلة. أنا من يطلق حزم طلقات النار أكون بطل في الطلقة المنفردة".

يقولون باسم أدورنو

فيليب روزانو

ترجمة: نائل الطوخي

الشعر بعد أوشفيتز

هو شيء بربري. وثمة


من يقولون انه أنكر

أن هذا لم يكن ما قصده


ولكن القبرة تعشش

على سطح المحارق


ما الذي كانت تعنيه؟


طالما

طالما أن الأسوا مازال أمامنا-

فهذه ليست نهاية العالم.


طالما أن الأمل يمارس الحب مع الضوء الأول

فإن يوماً جديداً يولد.


طالما يمكننا أن نعد بأصابعنا العشرة

إذن فلدينا صوت ولدينا قبضة


طالما السلحفاة ليست مقلوبة على ظهرها

فثمة أمل في أنها ستصل بعيداً.


طالما الظَهر ليس للحائط-

فثمة أمل في أن الحائط سيتلون بالأبيض


وعليه سوف يشخبط صبي مشاغب:

دان يحب دينا.


الجد فيليب

جدي تلقى بيضة وأنا مدين لهم بعش الدجاج

جدي تلقى كأس بيرة وأنا مدين ببرميل

جدي تلقى رصاصة في الجيتو وأنا مدين لهم بالانتقام

لا أملك عشاً ولا برميلاً، ولكن حياتي هي انتقام

مكلل بالرغوة وحلو من وجبة لأخرى: حفيدتين

تضحكان بلا حساب


موازنة الغضب والدفء

كيف تصعد الروح لسماع قداس الموتى

كيف يكون نحيب طفل هو قوة حجة الآخر


كيف أن صور الكوارث تضيء أعيننا ونحن

منطوون رعباً، ونتطلع في المرآة متحاضنين


كيف يصبح البكاء على طفل، أم أو حبيبة

منبعاً لقصيدة حب


كيف يزهر الفجر من سواد الظلمة

كيف تتأسس الحياة مرة ثانية.

____________________________________________________

فيليب روزانو يهودي إسرائيلي. ناج من الهولوكست يحمل اسم عائلته ورفضه تغييره بالاسم العبري. هاجر إلى إسرائيل عام 1957. البولندية هي لغة والديه. يعمل أستاذا في جامعة تل أبيب منذ العام 1994. مجال اهتمام العلمي هو الرياضيات الفيزيائية. نشر أكثر من مئة مقال علمي ودواوين أيضاً، من بينها "خط التماس"، و"المحاسبة". وهذا المقال منشور في صحيفية يديعوت أحرونوت بعنوان "ما الذي كان يعنيه الشاعر".

___________________________________________________________________

1 هجرة يهودية بولندية إلى إسرائيل تمت عامي 1956 و1957، وهي الهجرة الشرعية الأولى من هناك وسمح بها الرئيس الشيوعي البولندي فلديسلاف جومولكا.

No comments:

Post a Comment

comment ya khabibi