أهارون شبتاي
ترجمة: نائل الطوخي
يا شمس يا شمسׁ
يا شمس يا شمس
كيف تضيئي
وفي البلد ظلام؟
كيف لا تدخل رؤوسنا
نتفة نور
وليس من شعاع
في غرف النوم
وكيف يتم سكب ألقك مجاناً
على جنود ولصوص
الأراضي
في بيدو، بودروس، بلعين (1)
كيف تنير
مصابيحك الطريق
لضاربي العجائز
ومسممي الآبار
يا شمس يا شمس
على ما يبدو لستِ شمساً
وإنما كتلة خراء
_______________________
(1) أسماء قرى في الضفة الغربية يلتهمها الجدار العازل
_______________________________________________________
الفيديو بأعلى الصفحة هو حوار أجراه الصحفي دوف ألبون مع الشاعر أهارون شبتاي. يبدأ الحوار بمشاهد للشاعر يتجول على طول الجدار العازل، وهو يقرأ قصيدته "يا شمس يا شمس"، ثم يعلو صوت أغنية فلسطينية، ويظهر ألبون الذي يسأل شبتاي عن سبب رؤيته للشمس ككتلة خراء. الشاعر يجيبه أن المستوطنات موجودة حولهم في كل مكان، والجدار العازل يجسد المخاوف الإسرائيلية الهائلة من الآخر والتعدد. يتساءل: "لماذا لا نكون جزءا من العالم. لماذا نحتاج المستوطنات"، وعندما يسأله المحاور عن الصدمة في شعره يقول : " اعتقد ان هذه الفترة هي صادمة بما يكفي. انت ترى هذا الجدار وتقرأ في الجريدة ان طفلا يموت هناك وطفلة تموت هنا. المشكلة ربما أن الناس لا يشعرون بالصدمة. هم معتادون. ولكنني لا اعتقد ان قصائدي صادمة اكثر من الواقع نفسه." بعدها يتم إجراء حوارات قصيرة مع مجموعة القراء الإسرائيليين الذين يضحك أغلبهم على بيت من أبيات الشاعر: "في سن الستين، أصبح قضيبي أكثر طولاً"، ليدور بعدها حوار بين الشاعر والمحاور حول الألفاظ الفجة والحسية في شعره، يعلن شبتاي أنه يتجاهل ردود الأفعال البرجوازية المتحفظة عليها لأن كتابته من النوع الذي يزلزل الناس، وطالما كنت فظا ففي هذا درجة من المخاطرة والقوة والحرية، وإذا لم ترد التعري وزلزلة الناس فأنت عندئذ موظف، كما يقول. يظهر شبتاي وحيدا في المشهد ويقرأ بيتا من قصيدة له: "في مطار بن جوريون. الله الله الله الله الله الله"، يسأله المحاور عن التجاور بين الشعري والسياسي في شعره فيقول أن الاثنين مرتبطان. شكسبير كان يكتب سياسة على الدوام وكذلك الكوميديا الالهية يرسل فيها دانتي "شارونيي" و"موفازيي" عصره إلى الجحيم. ثم يشير إلى الجمود الإسرائيلي، عدم القدرة على التغير وترك الأشياء، ويختتم الحوار بجملة دالة: "كل العالم يتغير. فقط في هذا المكان ليس هناك جديد".
________________________________________
رجل الإنصات
على الكنبة البيضاء
دخنا السجائر في ظلام الهيماليا
ببطء بدأتْ هي الحديث:
ينبغي عليك أن تكون رجل الإنصات
قالت هذا
وأنا رأيته
في ظلال ناصية الميكروفون
لابسا ملابس من القش
يسترق النظر مثل رجل البوشمان
في عين المحول الكهربائي
وماذا يريد رجل الإنصات؟
ماذا يريد رجل الإنصات؟
نظرتُ إلى العين الحمراء
لرجل الإنصات
هل يريد أن ينصت، قلتُ
لا، أجابت، لا
وشددت على كل كلمة:
رجل الإنصات يريد حوارا
ولماذا؟ تساءلتْ
وانتظرت أنا حتى قالت:
لأن رجل الإنصات يريد أن يكون
رجل الحوار. وكررت:
فرجل الإنصات يريد
أن يكون رجل الحوار
وعلى الفور وافقت
وأي حوار؟ تساءلتْ
ولم أجب
حوار شرقي؟
حوار غربي، سقراطي؟
تساءلتْ
ترددتُ، حوار شرقي
لا، قالت، حوار سقراطي
نعم، قلتُ
هذا بالتحديد ما أردته
حوار سقراطي
أو أنني لم أكن واثقا
وبعد سنتين
في الليلة الأخيرة، مارس، في مونتوك
في الجوينت الأخير
عندما تناقشنا (إذا نزعنا
الموسيقى الهادئة
من الشاشة المترصدة
ونظرنا بهدوء للبحر)
قالت لي بحزن
أنا أرى أنك نسيت ما تعلمته
عن رجل الإنصات
وأن أعلمك من البداية
فهذا شيء لم تعد لي طاقة به
لماذا؟ قلت، أنا مستعد للدراسة
وهي قالت وقالت
وكررت كل ما قالته
ثم كررت
وأنا سكت، وهي هدأت
وأصبحت أنا رجل الإنصات
الذي لن يستمع لها مرة ثانية
حداد
المرأة الأجمل
والأفضل
سوف أنساها في خمس دقائق
لأن عيني منغرزتان
فيما فوق الصدر
كيلوتات الساتان البيضاء
البنطلوتات التي أعطيتها
للخياطة الأوكرانية، من أجل تقصيرها
وسائر ملابسها
أدخلتها في ستة
أكياس زبالة لامعة
لتوزيعها على المحتاجين
لن أعيش على
فتات فطائر الشوكولاتة
في الحقائب البلاستيكية
أهلا بكم
أيتها الأرغفة الطازجة
أيتها الأثداء الجديدة
_____________________________________________________
أهارون شبتاي: واحد من أهم الشعراء الإسرائيليين المعاصرين. ولد عام 1939. أثار ضجة رهيبة ضده في التسعينات لنشره ديواناً بعنوان "زيفا" يصف فيه تفاصيل علاقته الجنسية بالمحررة "زيفا بوستك"، يكتب في السنوات الأخيرة الشعر السياسي، وتنشغل قصائده بالجدار العازل وبمحاولات التعدي على القرى العربية مثل بلعين وغيرها. ترجم إلى العبرية عددا من الأعمال الكلاسيكية مثل أعمال أوربيدوس وأريستوفانس وسوفوكليس وأيسخوليس، (من اليونانية)، وأعمال بريخت (من الألمانية)، ويقوم اليوم بتدريس الأدب العبري بجامعة تل أبيب. شبتاي كان زوجا للنشطة الراحلة تانيا راينهارت والتي كانت تدعو لمقاطعة الجامعات الإسرائيلية، ورثاها ناعوم تشومسكي عندما ماتت عام 2007. وكانت قبلها تشرب الشمبانيا مع زوجها شبتاي احتفالا بانتصارات حزب الله، كما حكت عنهما الصحفية اليسارية عاميرا هاس. القصيدة الأخيرة مكتوبة بعد رحيل تانيا.