يهودا عميحاي
حب البلد
والبلد تنقسم لمناطق الذكريات واسطوانات الأمل،
وسكانها مختلطون بين هذا وذاك،
كالعائدين من زفاف، عندما يختلطون بالعائدين من جنازة.
والبلد لا تنقسم لمناطق الحرب ومناطق السلام.
ومن يحفر حفرة ضد القذائف،
سيعود لينام فيها مع فتاته،
إذا حل السلام.
والبلد جميلة.
حتى لو كان الأعداء حولنا يزخرفونها
بالسلاح اللامع في الشمس
كالعقد حول الرقبة.
والبلد تشبه الطرد:
وهي مربوطة جيداً، وكل شيء موجود فيها، وهي مربوطة بإحكام
والخيوط تؤلم أحياناً.
والبلد صغيرة جداً،
ويمكن لي أن أحتويها بداخلي،
تجريف التربة يأكل راحتي
ومنسوب بحيرة طبريا دائما في عقلي.
ولذا فيمكنني دائما أن أشعر بها كلها
عندما أغلق عيني: البحر الوادي الجبل.
ولذا بإمكاني أن أتذكر ما حدث فيها
مرة واحدة، كرجل يتذكر
كل حياته لحظة موته.
الكثير جداً
الكثير جداً من أشجار الزيتون في الوادي.
الكثير جدا من الأحجار في المنخفض.
الكثير جدا من الموتى، القليل جداً
من الأرض التي ستغطيهم.
ويجب علي الرجوع إلى المناظر المرسومة
على العملات الورقية
وإلى وجه أبي على العملات المعدنية.
الكثير جدا من مراسم الذكرى
القليل جدا من التذكر.
أصدقائي نسوا ما درسوه في صباهم.
في مكان خفي ينام صباي،
وأنا دائما في الخارج، طعام الأرواح الجائعة.
الكثير جداً من التعب،
القليل جداً من العيون التي تحتويه.
الكثير جداً من الساعات،
القليل جداً من الزمن.
الكثير جداً من الأسابيع المقامة حول العهد القديم.
الكثير جداً من الشوارع
القليل جداً من الطرق،
التي يسيرون فيها فعلاً، كل إلى مصيره.
الكثير جدا من الأمال
التي هربت من سادتها.
الكثير جداً من الحالمين.
القليل جداً من الأحلام،
والتي سوف يقلب تفسيرها تاريخ العالم
مثل أحلام فرعون.
الحياة مغلقة من خلفي.
وأنا في الخارج، كلب
للريح القاسية العمياء
التي تدفعني دائما في ظهري.
أنا أليف، أقوم وأجلس
وأنتظر حملها في شوارع حياتي،
والتي قد تكون هي حياتي الحقيقية.
___________________________________________
أريد أن أموت على سريري
طول الليل كان جيش بعجلات يتقدم
ويصل إلى ساحة المعركة ومابعدها،
الموتى في الأرض كانوا ينامون بالطول والعرض،
وأنا أريد أن أموت على سريري.
أعينهم كانت ضيقة كأنما هي دبابة بشبابيك،
أنا دوما قلة وهم كثيرون،
أنا مضطر للإجابة، وهم يمكنهم استجوابي
ولكنني، أريد الموت على سريري.
واو يمكنهم استجوابي
ولكنني أريد أن أموت على سريري
شمشون، سر بطولته في شعره الطويل والأسود
شعري أنا قصوه عندما جعلوني بطلا إلزامياً،
وعلموني أن أدوس على قوسي،
ولكنني أريد أن أموت على سريري.
واو هم يمكنهم....
رأيت أنه بإمكاني السكنى والعيش جيداً
وتأثيث بلعوم الأسد أيضا، لو لم يوجد مكان آخر،
لم يعد يهمني لو مت وحيداً،
ولكنني أريد أن أموت على سريري.
واو يمكنهم....
لم يعد يهمني لو مت وحيداً
ولكنني أريد أن أموت على سريري.
_______________________________________________
لا يصل نقطتين
نجم صغير تزوج بنجمة
بالداخل كانوا يتحدثون بالألمانية عن كارثة قريبة.
أردت تذكر المغني ولم أتذكر إلا الجملة
لأنه لا يصل بين نقطتين إلا خط مستقيم واحد.
كلب مهمل طاردنا على طول الشارع
صرخت، ألقيت حجراً، ولم يتركنا.
ثم ضعنا منه، وكذلك هو ضاع منا.
لا يصل بين نقطتين إلا خط مستقيم واحد.
بكاؤك الصغير يكفي لكثير من الألام،
مثل قطار يجر عربات كثيرة
متى سنعود البيت؟ انتظري قليلا
حيث لا يصل بين نقطتين إلا خط مستقيم واحد.
أحيانا الشمس تكون مذكرة، أحيانا مؤنثة،
أحيانا نكون اثنين، وأحيانا أكثر من عشرة آلاف.
أحيانا لا أعرف من يقبض علينا بيده
ولكن لا يصل بين النقطتين إلا خط مستقيم واحد.
حياتنا المكتوبة أصبحت هي حياتنا الشفوية.
حياتنا في العالم القادم هي حياتنا في هذا العالم.
حياتنا المسرعة وحياتنا التي تمر ببطء.
لا يصل بين النقطتين إلا خط مستقيم واحد.
_______________________________________________
تذكروا واذكروا
وأنتم، يا من لا تذكرون إلا الوجوه،
لا تنسوا الأيدي الممدودة
والسيقان التي تجري بسهولة
والكلمات
تذكروا أنه حتى الطريق للحروب الرهيبة
يمر دائماً بالحدائق والشبابيك
وبالأطفال الذين يلعبون والكلب الذي ينبح
تذكروا واذكروا قبل أن نقتلع
أوراق الشجر والغصون،
اذكروا الأشواك القاسية
التي كانت صلبة في الربيع.
ولا تنسوا أنه حتى قبضة الملاكمة
كانت ذات يوم أصابع ويداً مفتوحة
________________________________________________
في حديقة مسحورة
في حديقة مسحورة يجلس رجل صاح،
نصفه مضاء، نصفه نسّاي.
نادته أمه من شباك النوم،
ولكنه لم يكن نائماً، ولذا لم يستجب،
وخرج وحده من الجدار،
نصفه نفسه، نصفه آخر.
وعاش قصة حب مشهورة.
ومن وقتها لم يعد للحديقة المسحورة.
عاش جيداً، وعاش في كرب
وإذا لم يمت كان ليواصل الحب.
_____________________________________________________________
ولد يهودا عميحاي عام 1924 وتوفى عام 2000. يعد من أهم الشعراء الإسرائيليين. هاجر مع عائلته من ألمانيا إلى إسرائيل عام 36، وشارك في الحرب العالمية الثانية، ضمن إطار الفيلق اليهودي الذي كان يحارب مع بريطانيا في مصر. كما عمل في تهريب السلاح وتسهيل إجراءات الهجرة اليهودية غير المشروعة لإسرائيل قبيل إعلان الدولة. وحارب في الجانب الإسرائيلي عام 1948 بكتائب البالماح. نشر عام 1955 ديوانه الأول "الآن وفي الأيام الأخرى"، الذي حاز صدى نقدياً واسعاً وحصل بمقتضاه على جائزة شلونسكي للشعر. وكان أول شعراء ما سمي بـ"جيل الدولة" [أي الجيل الذي تأسس أدبيا مع إعلان قيام دولة إسرائيل] حصولاً على جائزة إسرائيل عام 1982. من دواوينه "خلف كل هذا تختبئ سعادة كبيرة.. 1979"، "حتى قبضة الملاكمة كانت ذات يوم أصابع ويدا مفتوحة.. 1989"، "مفتوح مغلق مفتوح.. 1998"، وله رواية بعنوان "ليس من الآن وليس من هنا.. 1963"، تم تلحين وغناء أكثر من 100 قصيدة له. وكتب الناقد والمترجم الفلسطيني أحمد عمر شاهين كتابه "تشابك الجذور" عن أعماله. لقراءة قصيدة أخرى له بالعربية، اضغط هنا.
ولا تنسوا أنه حتى قبضة الملاكمة
ReplyDeleteكانت ذات يوم أصابع ويداً مفتوحة
عجبانى القصيده دى
وكمان "فى حديقة مسحورة" قويه جداً
الشاعر ده حقيقى
ReplyDeleteوهو بالغعل صادق
وايضا له رؤية
فهو بالنسبة لى عدو حقيقى يمكننى اتعامل معاه فنيا على اساس هو عدو
الامر الاهم
انت تفتح علينا وللمرة الاولى باب جهنم
هذا المشروع الذى تقدمه فى تجربة الاحتكاك مع ثقافة شعراء اسرائيل او ثقافة اسرائيل
باب مهم سوف يدخله الجميع
ولكن الضحايا سوف يكونوا كثيرين
واتمنى ان لاتكون اولهم
لذا لابد ان نضع بعض الملامح لهذه المدونة
ولابد ان تكون واضحة تمام
ولابد كل من يدخلها
ان يعلن بصراحة من هو وفى اى جانب يقف
مثلا
انامثلا-1- مع الحرب مع اسرائيل
وفى نفس الوقت مع الاستماع والانصات والتعلم من مثقف اسرائيلى
المهم توضيح معالمنا الشخصية مهم جدا عن التعامل
مع منطقة الالغام التى زعتها انت بانشاءك هذه المدونة
وانا ايضا مع انشاء مناطق الغام(ثقافية وفكرية) لانى من الذين يعشقون الموت وهم اقوياء او الحياة وهم اقوياء لذا اهلا
انت حبيبى فى الاخر يامولانا
وللموضوع بقايا
فاصل الى العمل ونعود(او ربما نموت)
سؤال جديد
ReplyDeleteومهم هل هناك من ينظر الينا الان(خاصة من اسرائيل)
سوف انتظر بعض الاجابات
تذكروا أنه حتى الطريق للحروب الرهيبة
ReplyDeleteكوهين
هل يكتب شعرا عن المقاومة
او مقاومة المقاومة عن مشروع الاستيطان
ام ماذا؟؟
عزيزي هشام
ReplyDeleteفيه مثقفين اسرائيليين بيبصوا لنا؟ لو انا فهمت سؤالك صح
لو قلبت ف نصوص المدونة هتلاقي فيه ناس بيعتبروا العرب بدو انتحاريين وفيه اللي بيعتبروهم اباءهم واجدادهم وفيه اللي بيعارض حكومة بلده علشانهم وفيه اللي بيتكلم عنهم بحيادية، بلا تعاطف او ادانة
اي حد يدخل المدونة لازم يعلن بوضوح هو ف صف مين وضد مين؟ انت بتتكلم بجد؟
طيب اذا كنت انت بتقول انك مع التعلم من مثقف اسرائيلي زي ما بتقول، فيبقى ليه لما تقرا المدونة دي تحس انك مطالب بالدفاع عن نفسك، وتقول انا ف صف العرب مثلا. هل فيه حد اتهمك انك صهيوني او عميل علشان تدافع عن نفسك؟
بالنسبة لاني اكون اول الضحايا: انا ابتديت ترجمة من الادب الاسرائيلي من اتناشر سنة، بيتهيالي كان زماني بقيت اكبر الضحايا دلوقتي مش بس اولهم. بيتهيالي كل واحد عنده عقل
ابقي بص بصة على لينكات المقالات اللي ف السايدبار فوق
محبتي :)
نائل
مدونة جميلة التعريف بالأدب العبري مسألة مهمة.
ReplyDeleteلدي اقتراح، في الآونة الأخيرة بحثت عن قصص للأطفال بالعربية وراعنى ما رأيت (لا أريد التعميم على الوضع العربي عامة بل عما رأيته) فالقصص تكتب من وجهة نظر البالغين وبلغة لا يفقهها الأطفال....
في السبعينات كانت موجة جديدة في أدب الأطفال في إسرائيل بدأت بكتاب مثل يهودا أطلس الذي كتب قصائد قصيرة للأطفال كتبت من وجهة نظر طفل صغير بلغة مبسطة مستعملا تعابير "عامية" كان عنوان كتابه الأول "وهذا الولد هو أنا" והילד הזה הוא אני. ثم أتبعه بعدة كتب... الجميل في هذا الكتاب أنه يعبر عن عالم الطفل بالأشياء اليومية البسيطة مثل قوله: "أسعد من في الدنيا أبناء أصحاب الحوانيب الذين يأكلون ما يرغبونه من الدكان" أو "لا أفهمكم، عندما تمطر تعطونني الجزمة ثم تقولون لي لا تلعب في الوحل"... وباختصار أرى أن تورد ترجمة لبعض المقاطع، ليس الحديث عن أدب "راق" لكنه يستحق نظرة.
كس أم الهدف، و الغاية، و كس أم إسرائيل و العرب معاً
ReplyDeleteالنص رائع، و المدونة ممتازة و ممتعة