Friday 5 November 2010

الأيام العشرة الرهيبة


يودا هارخفي، وهو أستاذ تاريخ يدرس تاريخ الشرق القديم، يكتشف ذات يوم أن الحروف العبرية الكنعانية التي كتبها أمس طارت من أوراقه. ويقرر البحث عنها في القدس، في أثناء رحلة البحث المحمومة التي تستمر لعشرة أيام، من رأس السنة العبرية إلى عيد الكيبور، يتطرق لأشياء أخرى ضاعت منه، مثل زوجته الشابة أوسنات. رحلته تغطي عشرة أيام فحسب ولكنها تمر بالثقافات والأزمان، القدس التي سافر بداخلها هي المدينة التي انضم قسماها سوياً بعد حرب الأيام الستة، وتضم بداخلها عرباً ويهوداً، دينيين وعلمانيين، مبشرين مسيحيين وشبابا يحبون الروك اند رول. هنا فصل أول من رواية أهارون ميجد الصادرة مؤخراً "الأيام العشرة الرهيبة".

أهارون ميجد: واحد من أهم الروائيين الإسرائيليين المعاصرين. ولد عام 1920 في لتوانيا وهاجر إلى إسرائيل عام 1926. من كتبه "الحي على الميت"، "الهروب"، "هاينز وابنه والروح الشريرة"، و"كراريس أبيتار". حاز على جائزة إسرائيل الأدبية عام 2003. خدم ملحقا ثقافيا لإسرائيل في لندن في الأعوام من 168 – 71.

الأيام العشرة الرهيبة

الفصل الأول

أهارون ميجِد

ترجمة: نائل الطوخي

سافرت القدس من أجل البحث عن الأحرف المفقودة.

عندما صحوت صباحاً من نوم عميق واصطدمت عيناي بطاولة الكتابة القريبة من سريري أصابني الذهول: الوثيقة الورقية التي ملأتها بالأمس بجمل تذكرتها شفوياً من العهد القديم، كلها في مديح القدس – "اصحي اصحي البسي قوتك، يا صهيون، البسي لباس زينتك.. افرحي جدا يا بنت صهيون، اصخبي يا بنت القدس... على أسوارك يا قدس تركت حراسا طول الليل وطول النهار..." وغيرها وغيرها، والتي كانت مستندة على كتاب ضخم، كانت خاوية! كل الحروف المكتوبة بخط كنعاني عبري قديم، والتي اجتهدت ساعات لكتابتها، بحرص ودقة وبقلم رصاص - من أجل التدريب بالأساس - فملامح هذا الخط وأشكاله تتغير وفق صيغه المختلفة – اختفت ولم تعد موجودة. علبة الحبر، البرجل والأقلام الرصاص، الآلة الكاتبة القديمة رمينجتون، إرث أبي الراحل – كل هذه الأشياء كانت في مكانها، وليس من بقايا لحرف واحد. كان الأمر يتجاوز الفهم الإنساني. أين اختفت؟ كيف محيت بلا أثر خلفها؟ هل "سرقها" شخص ما وأنا "نائم في موقع الحراسة"، كما يقولون اليوم عن أي حادثة للإهمال إجرامي؟ هل حدث عمل سحري هنا مساء وأنا نائم؟ أنا شخص عقلاني، وكباحث، فأنا ألاحظ الظواهر عن طريق العلم، أبداً لم أؤمن بالشعوذة.

ومع كل هذا، فشيء ما غامض قد حدث هنا. وبدون إرادة مني تسللت لرأسي تفسيرات مختلفة غير طبيعية. قبلها بوقت قصير كنت قد قرأت الرسالة عن حنينا بن ترديون، وهو واحد من قتلى الملكوت العشرة[1]. يُحكى هناك أن الرومان، قبل أن يحرقوه، قاموا بلف لفائف كتاب التوراة حول جسمه، وعندما سأله تلاميذه ماذا ترى، قال لهم "لفائف تحترق وحروف تطير". خطرت فكرة مجنونة على بالي الآن، ربما كانت الحروف العبرية – الكنعانية القديمة أيضاً، التي نقشتها على اللفافة تحت يدي، طارت هي أيضاً. حلقت، مثل سرب ذباب، فوق الوثيقة، وهي تجول الآن في فراغ العالم بدون أن ترتاح أو تعرف أين ستذهب.

وربما، لأن الجمل المكتوبة كلها عن موضوع القدس، ربما لهذا طارت، وربما عندما كنت غارقا في النوم حدث صراع بين المصوقيم والإرئيليم[2]، والإله الكنغاني بعل تعقب الإله العبراني يهوه، والحروف كلها هربت إلى المدينة المقدسة، وعثرت الآن على مخبا في الشقوق بين حجارة الحائط أو بين الصخور المنتشرة في الأراضي البور من حول القدس، أو أنقاض خرائب البيوت المدمرة في حرب الأيام الستة، وبرغم أنه مرت ست سنوات منذ ذلك الحين، فحتى الآن لم يتم تفريغ أمعاء بقاياها.

ظاهرة كلها غموض يعادي العقل، وهي تصيب بالجنون – يمكنها أن تسلّل أفكاراً –ولو مختلفة – في عقل إنسان كل عمله على البحوث الأكاديمية.

للحظات طويلة، بعد أن ظهرت أمام عيني الصفحة الصلعاء، وأنا نائم على السرير، دارت برأسي تأملات مخيفة وغير معقولة في محاولة لحل اللغز: هل أن شخصاً ما – من؟ يكرهني؟ هل يوجد لي كارهون؟ - أساء لي ونجح في التسلل للغرفة ليلا، عن طريق النافذة المفتوحة، واستبدال الورقة الملآنة بورقة خاوية؟ وربما... ربما كان هذا هو المجهول الذي "خطف" مني أوسنات – عندما انغرز بي اسمها شعرت بوخزة قوية للغاية في قلبي لدرجة أنني اعتقدت أن شللاً أصابني – أوسنات، التي "اختفت" من حياتي، التي "ضاعت" مني، في اليوم الذي اختفيت فيه من البيت، لأنني كنت يومها في جولة بمغارات قمران.

مغارات قمران، أذكر الهلع الذي أصابتي وأنا أبلغ ثلاثة عشر عاماً، عندما تهت في عمق إحدى تلك المغارات، و"أوشكت على الهلاك"، لأنني لم أجد طريقي للخروج منها.

في طريقي من تل أبيب للقدس للبحث عن الحروف الضائعة، عندما مر الأوتوبيس على كيبوتس شعلَفيم ، ومن بعيد، لأسفل، كان برج لترون يأخذ في الابيضاض، خطر على ذاكرتي الشيء الذي وقع لي، عندما كنت أنا نفسي على وشك الهلاك. سافرت مع فصلي الدراسي في نزهة تاريخية، لكي نرى بأعيننا الأماكن التي جلس فيها الإسيون[3] ووجدت فيها الوثائق المكنوزة. كان يوماً حاراً، وتراب خفيف يعميني، يتطاير على وجه الحيز المهجور. دخلنا إلى أرض أنقاض مدينة قمران: جدران مهدمة و مبتورة، مص أرض أنقاض مدينة قمران: جدران مهدمة و...،عل وجه الحيز المهجور. فيها الحثييت ووجدت فيها الوثائق المكنوزة. لاك"، لأنني لم أجد نوعة من لبنات أحجار غير منحوتة، تفصل بين من كانوا، قبل حوالي ألفي عام، غرف وقاعات، مكان عزلة أبناء طائفة الزهاد الجماعيين، كتبوا على ظهر اللفائف كتب التوراة والأنبياء. سرت بين حطام هذه الجدران، بجوار طاولات حجرية كُتبت عليها اللفائف، الرسائل، قوانين الطائفة، بجانب بقايا خزانات، معاصر، وأعمدة البوابات، وهذه المشاهد، المصحوبة بالشروحات الوافية للمعلم دوري، أصابتني بالملل، مثل الملل المقحط من حولنا. ما حمس خيالي وأثار فضولي كان مشهد البلعوم المفتوح، الأسود، فوق الصخرة المرتفعة عن الوادي الذي وقفنا فيه، والذي أشار إليه المعلم بوصفه فتحة إحدى المغارات التي اكتشف فيها البدو، أبناء الصحراء، بعضاً من اللفائف.

عندما واصل الفصل طريقه باتجاه أنقاض أخرى، على جانبي الوادي اليابس الذي يصل غرباً ويتم ابتلاعه بين الجبال، هربت من الجماعة وتوجهت إلى الصخرة. طريق ضيق وملتو أدى بي إلى البلعوم المفتوح، وصعدت عليه، أضرب قدمي بين الأحجار، أقفز على الصخور، حتى وصولي إلى هدفي. فتحة المغارة كانت مظلمة، ولكن نور الظهيرة القوي، الذي يتسلل للداخل، أضاء أجزاء قليلة على أكتاف حجارة المغارة. كانت واسعة وعميقة، أكثر بكثير مما تخيلتها.

جو من الغموض سيطر علي لدى دخولي بالداخل. صمت رهيب كان يسودها. أرضيتها كانت مغطاة بأمواج من الخفافيش وبرماد الحرائق، ببقايا من جذوات النار، وبين شقفات الفخار المنتشرة فيها هنا وهناك تخيلت أنني ألاحظ عملات قديمة، أوثاناً. واصلت طريقي إلى عمقها، كأنما بقوة سحر غير مرئي. على بعض الجدران كانت منقوشة خطوط قصير وطويلة لدى اتصالحها تخلق أشكالاً مثلثة، مربعة، معينة، وتوقفت أمامها لأحاول معرفة أصلها. خطاً مسمارياً كان، ولكن بأية لغة.أكادية؟ أوجاريتية؟ كنعانية؟ تخيلت ببصري حروف اللغات القديمة في كتاب التاريخ الخاص بي، ولم أتمكن من الحسم. كنت مستلبا أمام الحروف الملغزة، لدرجة أنني لم أشعر بمرور الزمن.

واصلت السير ، قدمي في محاذاة إصبعي، إلى أعماق المغارة، أترقب اكتشاف الخوافي. ربما وقعت في طريقي وثيقة أخرى، مثل ابن رعاة الغنم البدوي الذي اكتشف الأولى. فجأة سمعت من فوقي، كأنما من سقف المغارة المقعرة، صوت نحيب صارخ. توقفت مذهولاً في مكاني. كان صوت طائر ما. بومة جارحة؟ بومة غير جارحة؟ بالتأكيد ليس خفاشاً، الخفاش يصرخ ولا ينتحب. للحظات طويلة لم أستطع التحرك من مكاني، وعندما ساد الصمت مرة ثانية، وارتفعت عيناي للسقف، كان ما يشبه ظلالاً تجول في الظلام الذي يغطيها – من خلف العتمة خيل لي أنني أرى وجه إنسان يتطلع إلي. كان وجه امرأة شابة، شعرها الأسود يحيط بوجهها ونظرات عينيها حزينة، ولكن مثل النار التي تتوقد بداخلها. نظرتها، التي كانت مغروسة في، سحرتني. كنت أخرس. سرت رعشة في جسمي: هل تنوي هذه الصورة أن تقول لي شيئاً ما؟ هل تحذرني من شيء ما؟ وفجأة اختفت. وحتى بعد أن تبخرت ظللت مصعوقا ومرتعشاً من تأثيرها.

فقط بعد مرور الأوتوبيس بمدخل الوادي، في طريقه للقدس، خطرت على بالي فكرة كم أن وجه الشابة الجميلة في سقف المغارة، والتي ظهرت لي وأنا أبلغ ثلاثة عشر عاما، يشبه وجه أوسنات، وسرت رعشة في جسمي. التعبير المستعر في العينين، العمق المظلم بهما... طول الطريق، حتى وصولي للقدس، كانت تلوح لي هذه الصورة التي تضاعفت في صورة أوسنات.

عندما توجهت للخروج من المغارة اكتشفت أنني ضللت طريقي في ممر جانبي يتفرع عن القاعة الرئيسية. أصابني الرعب خوفا ألا أجد طريقي للخارج. حاولت العودة على أعقابي، ولكنني تعثرت بما يشبه المتاهة. من ممر لممر وليس من مخرج. أخذ الرعب يتزايد. تسارعت أنفاسي. صرخت، على أمل يائس أن يسمعني شخص ما. تردد صدى صرخاتي في الفراغ. ناديت على اسم المعلم، دوري! دوري! وعلى أسماء بعض من زملائي في الفصل. لا صوت ولا رد.

عندما خرجت في النهاية من المغارة إلى نور النهار كانت الساعة الواحدة ظهراً. نظرت لأسفل على الوادي ولم أر شخصاً بين الأنقاض أو حولها.

نزلت إلى المكان الذي منه – كما تذكرت – توجه الفصل غرباً واختفى عن عينيّ. دخلت الوادي المهجور، صعدت على طوله، بين جبال منتصبة، وأنا أصرخ بأسماء المعلم والتلاميذ، وخنقت الدموع صوتي. فقط بعد أن يأست من العثور عليهم وحططت على إحدى الصخور، ظهروا أمام عيني من بعيد، منتشرين في كل اتجاه. "يودا! يودا!" سمعت أصواتهم تحملها ريح المكان. لم يتمكن المعلم دوري من التحكم في غضبه. وجهه احمر وهجم علي! وزبد على شفتيه: كنت أنوي استدعاء الشرطة! ظننا أن نمراً افترسك!

قبل اختفاء أوسنات بسنة تقريباً سافرنا سوياً إلى القدس، أنا للقاء البروفيسير ماير، خبير كبير في الميثولوجيا الميزوبوتامية، وهي، التي كانت تدرس الجغرافيا في جامعة حيفا، سافرت للمكتبة القومية في جفعات رام، لكي تدرس خرائط قديمة لأوروبا، من القرنين الخامس والسادس عشر. كانت الساعة العاشرة عندما وصلنا إلى البلدة، اتفقنا على الالتقاء في كافيه طعمون في الساعة الواحدة لتناول الغداء. ولأن لقائي مع البروفيسور ماير تم قطعه في الحادية عشر ونصف- حيث سارع بلقاء ضيوف من الخارج – فلقد قررت السفر لجفعات رام، للقاء أوسنات بالمكتبة، وبعد أن تنتهي من مهمتها، نأكل سوياً في كافيتيريا الجامعة. دخلت المكتبة، مررت على الطاولات في قاعة القراءة، على أمل أن أجدها مستندة على أحد ألبومات الخرائط القديمة، ولم أرها هناك.

مررت بالأقسام الأخرى، أقسام الكتالوجات وأجهزة الطباعة والنسخ، وأيضا هناك لم أجدها. أمين المكتبة كذلك لم يتذكر أن امرأة سألته عن خرائط قديمة. بعد أن خفت من أن تصل لكافيه طعمون ولا تجدني، سارعت بالعودة هناك. جلست وانتظرتها حوالي ساعة ونصف، أقرأ الجرائد، أغرق في تقرير مفصل عن هبوط الإنسان الأول على القمر، وأتأمل الجملة الأسطورية المثيرة للقشعريرة لنيل أرمسترونج، بينما هو معلق بين السماء والأرض: "هذه خطوة صغيرة للإنسان وكبيرة للإنسانية." بعدها قرأت عن الاحتجاج ضد ترديد "أغنية للسلام" لروتبليج وروزنبلوم بواسطة كورس هاناحال، لأن الأغنية تؤذي المشاعر الأخلاقية لجنود جيش الدفاع الإسرائيلي. ولكن من لحظة للحظة كنت أختلس النظر إلى الباب لأرى إن كانت قد دخلت، مندهشاً من تأخرها الشديد، وأقول لنفسي، هي أيضاً قادرة على الطيران للقمر.

في الساعة الثانية دخلت. جلستْ مرعوبة أمامي على الطاولة، غمغمت بكلمات اعتذار مرتبكة. لقد التقت بشخص ما في المكتبة ظنته يعرفها... خيل لها أنه زميل في وفد أركيولوجيين يعمل على الحفائر بجانب موشاف عملا، ليس بعيدا عن قرية ريحانيا... قالت: "بدأنا في الحديث، وعندئذ اتضح لي أنه عالم محيطات جاء لرؤية بقايا السفن التي تم اكتشافها في عمق البحر بجانب قيسارية"... دخلنا في حوار، حكت، عرض عليها تناول الطعام معه في المطعم، وعندما خرجوا من المكتبة أوصلها بسيارته إلى المدينة القديمة. جلسوا في مطعم عربي.

ابتسمت، هو مضحك، سألني إذا كنت صبارية[4]، وعندما أجبته بالإيجاب، بالطبع، قال أنه اعتقدني فارسية... – فارسية؟ لماذا فارسية بالتحديد؟ ابتلعت ابتسامة، بينما أنا أحدق بما يشبه شعلة اندلعت في عينيها عندما تحدثت عن هذا الغريب – واحدة من ليالي ألف ليلة، على ما يبدو، جهدَتْ لتضحك، ربما كنت شهرزاد في عينيه... – ما اسمه؟ سألتُ، ونطقَتْ اسماً ينتهي بـ"سون"،ـ جونرسون أو يورجسون. – وهكذا جلستما وتحدثتما أكثر من ساعتين؟ - أنا آسفة، قالت، أثار فضولي جداً ما حكاه عن المكتشفات في أعماق المياه. تذكرتُ أنك تنتظرني وأنك قلق، رننت لكافيه طعمون وسألت عنك، أردت أن أخبرك بأنني سأتأخر، قالوا أنك كنت موجوداً ثم خرجت. ولكنني لم أتمكن من القيام وتركه هكذا، في وسط...

في الأيام التالية أبعدت عن ذاكرتي هذه الحادثة. فقط عندما كانت أوسنات تتغيب عن البيت عدة ساعات ولا أعرف أين هي، كان يظهر للحظة في رأسي الظل منعدم الأوصاف لغريب ما مجهول ينتهي اسمه بـ"سون"، وفوراً أسارع بطرده من رأسي.


[1] اسم لعشرة حكماء يهود (تنائيم) أعدمتهم السلطات الرومانية في فلسطين ممن أجل إصرارهم على تنفيذ أوامر الشريعة اليهودية.

[2] كناية عن الكئنات الأرضية والقدرة الإلهية. تم ذكر العبارة لدى موت الربي يهودا هاناسي، والذي قيل أن البشر يريدونه بينهم (تلاميذه لم يكونوا يتخيلون الحياة بدونه) والسماء تريده لها. أعلن بر كفرا خبر موته بالقول: "مصوقيم وأرئيليم، مسكوا تابوت العهد، انتصر الأرئيليم على المصوقيم وأُخذ تابوت العهد"

[3] مجموعة يهودية من الزاهدين، المتصوفين، عاشت في أثناء سيطرة المكابيين على فلسطين في فترة الحكم الروماني.

[4] أي يهودية مولودة بفلسطين.

No comments:

Post a Comment

comment ya khabibi