ترجمة: نائل الطوخي
بالأمس، الثاني من ديسمبر / كانون الثاني عام 2009، اجتمع شعراء إسرائيليون وفلسطينيون، يهود وعرب، في قرية أبو ديس الفلسطينية للاحتجاج على بناء الجدار العازل، والذي بدأ بناؤه في حزيران/ يونيو 2002. ويهدف بصورة صريحة وعلنية إلى منع وصول الفلسطينيين في الضفة الغربية بصورة غير مراقبة إلى داخل إسرائيل. منذ ذلك الحين تقوم إسرائيل ببناء الجدار بصورة فظة والذي تقع غالبيته فوق الأراضي الفلسطينية، من خلال التجاهل التام تقريبا للمس الواسع بحقوق الإنسان الخاصة بالسكان الفلسطينيين.
جدار الفصل العنصري من القدس الشرقية
المتجمعون عند الجدار
مروان مخول
أهارون شبتاي من ظهره
اللقاء، الذي حمل عنوان "أشعار تفكك الجدار"، تم بمشاركة بين جماعة "جريلا تربوت" ومنظمة بتسيليم الحقوقية، في الذكرة العشرين لبدئها العمل، وأداره الشاعر الفلسطيني مروان مخول والإسرائيلي من أصل عراقي ألموج بهار، وضم عددا من الشعراء الآخرين، مثل أهارون شبتاي، والذي قرأ قصيدته "شمس شمس"، روني هيرش، ماتي شموئيلوف، روعي تشيكي إراد، يهوشواع سيمون، مرحاف يشورون، سامي مهنا، تامر مصالحة، مروان مخول.
______________
روعي تشيكي إراد
رجل وطني
أنا أحترم الخريطة المختصرة
أستجيب لأغلب القواعد الكهرومغناطيسية
أطيع كل قوانين
الحركة الحرارية
إذا بصقت في وجه السماء
فسوف أمتلئ لعاباً
وإذا تبولت عاليا
فسوف أتبلل بالبي -بي
أميل رأسي أمام العصور
الجيولوجية المختلفة
وأتمشى مع نجمي
حول الشمس حين يتوجب فعل هذا
أنا الوطني في كل دولة
والذي أعلق على كشك الإنقاذ في البحر
علما أبيض
أنا الوطني في كل كيان ذي سيادة
تعلق فيه الجدات
الغسيل على حبل الغسيل
لكي يجف في الشمس
_______________________
*
بوعاز يانيف
لو كنت رساماً
كنت لأرسم حبة طماطم
ريانة وحمراء
مثل كس امرأة
ولكن قد يكون أفضل
أن أرسم اليد التي تقطف
وربما أفضل
أن أرسم العمال في الحقل
أو السور الأسمنتي الذي
يخنق العمال
مثل أيديهم التي
تخنق حبة الطماطم
التي تنفجر في الحقل
أمام سور
أمام شاعر
يتخيل أنه رسام
وحتى في هذه الحالة
لا يعرف ما
يمكن قوله أيضاً.
______________________________
روني هيرش
مهداف البندقية
روني هيرش
أغلِقوا عينا
شيء يقف خلف شيء
لم تروه سابقا
سوف ترونه بعد أقل من عقلة إصبع
سيكون مفهوما الآن
اخلعوا قطعة ملابس وربما
جزءا من قطعة وسوف تشعرون بأنفسكم عرايا أكثر
واضح أن من لم يركم اليوم
سوف يراكم فيما بعد بدرجة أقل أيضا ولكن
الجلد المكشوف الذي يحتك بالأشياء
المنظمة سوف يتوقف في النهاية
عن الإحساس بالزمن المعطل
أغلب تعبيرات الوجوه سوف تختفي من تلقاء نفسها
الجسد سيحاول ولكنه حتى الآن
لم ينجح في قول شيء.
____________________________
ألموج بهار ومروان مخول
التاسع من آب 2002 أورشليم*
ألموج بهار
من يرى أورشليم في خرابها
فليمزق مزقاً بملابسه
ثم يخيط المزق
كي لا تكون ملابسه ممزقة قطعا قطعا
وليسرع بالخروج والبحث عن الأحياء في المدينة
في كل زقاق
وبكل لغة
حتى لا نبكي عبثاً
نكثر من البكاء على كارثة بنت صهيون
وأورشليم مبنية على يد منظمة "بنيان عولام"
وكل أبوابها لم تعد مهجورة.
خرجت ووجدت قطة تعبر في محطة تفتيش الشرطة
وارتبكت أمام الحائط بين مساعدة النساء والرجال
ورأيت رجالاً كثيرين يعيشون حياتهم كل منهم بلغات كثيرة
نساء ورجال يعيشون بلغة أبائهم ولغة أمهاتهم بلغة المكان
ولغة الطريق بلغة ابتساماتهم ولغة اليأس الشديد
ومزقت مزقاً كبيراً
على أفكار الصخب والشرخ بقلبي
اللذين يطاردانني في كل أماكني.
ولم أضمد المزق
حتى يعرف الجميع أن مصيبة حلت بي، وينادون:
من يرى إنساناً في خرابه
فليمزق مزقا في ملابسه
وليتوقف عن كتابة الشعر
كي لا تكون روحه ممزقة قطعاً قطعاً
وإذا كانت روح النبوة لاتزال تسري في هذه المدينة
كنت لأصعد على أحد الجبال
وأتنبأ بأن مصيري هو أن أقيم حركة سرية ضد الحزن
مصيري أن أرسل كتائب من الأفكار حول ميعاد آخرة الأيام
مصيري هو أن أكون في هذه المدينة.
__________________________________
* التاسع من آب هو ذكرى خراب الهيكل اليهودي عام 72 بعد الميلاد، أما عام 2002 فهو عام البدء في بناء الجدار العازل. يخلط الشاعر بين الحدثين محاكيا المصادر الدينية اليهودية للحديث عن أورشليم/ القدس، الآن.
___________________________________
ماتي شيموئولوف
غزة 1*
غزة، يا جميلة
يا مسعودة
يا حمامة، يا غزة
يا عزيزة
يا جوهر
يا حبيبة قلبي
ستعودين إلى جمالك
_________________________________
ألقى الشاعر قصيدته "غزة" أربع مرات، مرة جاعلا المخاطب فيها باسم "غزة"، والأخرى باسم "أبو ديس"، والثالثة باسم "فلسطين"، والرابعة باسم "إسرائيل"، بالنطق العربي للكلمة وليس "يسرائيل"، بالنطق العبري. أغلب كلمات القصيدة مكتوبة بالعربية ولكن بحروف عبرية.
___________________________________
مرحاف يشورون
العهد الجديد
مرحاف يشورون
المَبرَد لا يزال يئن بإظفر الأرملة
ريح المعركة تقرع الأبواب طالما لازال لدى الجوقة صوت
على الحدود جدار مبني باجتهاد
الأرض تعطيه رملها
وكذلك الحصى الكثير
والأسمنت الأسمنت الأسمنت
بوق يدوي بأغنية
في غمضة عين تسيل الدموع
المصابيح تثير الانتباه بالليل
تكتكة باللغات
شمس كاروهات مغروزة في الظهر
على الأرض الصفراء
في طرف السور عصفور أسود
أغنية تنطلق من مصدرها:
"حار حار حار
طري طري طري
ليس ليس ليس
ظل ظل ظل
قم قم قم
اذهب اذهب اذهب"
ربما أكون قد انغرزت
حتى ذيلي
في لغة اليهود!؟
والتي ليست من هذا العالم!
إذن فلآخذ العصفور
وأمزق شكله
وأختار شريحة لحم لي
ليست صغيرة بالتحديد
من قال أنه ليس لدي عقل
يهودي أو أي شيء
أعدل طرف عضوي*
أصبح من الأغيار وكفى
سآخذ شريحة من العصفور
أغرقها في القليل من التراب
وأبصق على طرف عضوه الذكري
في المكان المختار
وأقابل بين الأشلاء
كل واحد منها بجانب الآخر
فليلتصقا ليلتصقا ليلتصقا
الألم في المؤخرة
الكوع بين الضلوع
طين في العين الرطبة
وتراب في الحجاب الحاجز
فليتم توريث التركة للمتبقين
لكل من يعتذر قائلا
ولكننا كنا مضطرين
فليغلق على الدمار بين الأسوار
ولتتربس الأبواب
على الرسل والعمليات
على الواقفين وعلى الطارقين
على الكهنة واللاويين
على العاهرات والموظفين
يا ريح تعالي هبي عليّ
اجعلي أشلائي تلتصق
وخذيني من هنا
فلتضرب التركة الحمقى
كل من يعتذر قائلا
ولكننا كنا رجال شرطة فقط
لتضرب الجنرالات والمتعاونين مع البلدوزرات
الهاربين من الجيش والذين يحصون أنفسهم
الذين يُثبتون والذين يفندون
الذين يذبحون والذين يتفجعون
الذين يحررون الكتب والذين يجلّدون
الذين يُدخلون والذين يُخرجون
الذين يحكمون والذين يحبسون
الذين يصوتون والذين يمتنعون
الذين يهاجرون والذين يعودون
على العرب الذين ينتحرون
على العاهرات وعلى الموظفين
أملك عضوا ذكريا لواحد من الأغيار
أثق به!
فليحترق الجميع
ولأخرج من هنا!!!
________________________________________
جميل يا نائل
ReplyDeleteالشعراء يلقون الشعر على ميراث المحاربين
السيف أصدق أنباء أم الشعر؟!
الأستاذ نائل الطوخي
ReplyDeleteأول مرة أطلع على مدونتك وأعتقد أنها عمل رائع. في تعريفك بالمدونة طرحت فكرة شديدة التعقيد وهي رؤية العربي للإسرائيلي أو حتى اليهودي. ليس تعقيد الفكرة في صعوبة فهمها وإنما في صعوبة انفصالها عن الحدث السياسي. أنا أعيش في أمريكا وقابلت يهود وإسرائيليين وتعلمت بعض العبرية وأعتبر معرفة إسرائيل أمراً ضرورياً جداً للعرب فليست إسرائيل مشروعاً صهيونياً فقط بل إن المشروع الصهيوني فرض فرضاً على أرض واقع الهجرة اليهودية في أوائل القرن العشرين. كما ليس كل الإسرائيليين مهاجرين صهاينة بل مهاجرين فقط وكان من الممكن أن يكونوا مهاجرين في أي مكان في العالم كما هو حال كثير من العرب الآن. إسرائيل الصهيونية تعادي حتى اليهود المخالفين لها بأشد ما تعادي العرب فهم أخطر على مشروعيتها. الأدب الذي تترجمه أدب بكل ما للكلمة من معنى وأدب جميل ولا أخجل من قراءته أو الإستمتاع به لكن مسألة هوية القارئ كما هي مسألة هوية الكاتب معقدة. الأدباء الإسرائيليون يصارعون هذا السؤال كما نصارعه نحن وعندما يتحول القارئ المثقل بصراعه إلى مشارك في صراع الكاتب الناطق "بلغة العدو" تصبح القراءة ثقيلة. أنا لا ألوم أحداً لا القارئ العربي ولا القارئ الإسرائيلي، لا الكاتب العربي ولا الكاتب الإسرائيلي المسألة ثقيلة. وأنا عندما أقابل يهودياً أو يهودية من إسرائيل أو من غيرها أفضل أن لا أرى صراعهم وأتعامل معهم على المستوى الإنساني الأساسي لتكوين أي إنسان وإلا فإن التعامل يصبح مستحيلاً. لكن كم من مرة اكتويت بنار من لا يفهم هذا من الطلافين. الصهيوني الأمريكي أو الإسرائيلي كما هو القومي العربي المتعصب منفّر لكن ما أكثر أعدادهم. إلتقيت مرة بامؤرخ الإسرائيلي إلان بابه إنسان جميل ومؤثر وطرح فكرة رائعة وهي قبول الخطيئة والأعتذار كبداية. وهذا أساسي بالنسبة لي على الإسرائيلي كما على العربي الإعتراف بالخطيئة الأولية وهي التهجير، تهجير العرب وتهجير اليهود. أنا لا أقول بتهجير الناس من جديد فهذه مأساة لكني أرى الإعتراف أساس الإعتراف بإنسانية الآخر. فليبق اليهود حيث هم وليذهب الفلسطينيون حيث يريدون وليذ1هب اليهود العرب حيث يريدون لكن أساس الحواؤ هو الإعتراف بالخطأ بحق الآخرين. لا أستطيع أن أسمع لأي أديب مهما كان أديه جميلاً إذا فقد إنسانيته في نظري. أنا لا أتكلم عن أية وظيف للأدب فالأدب ليس له وظيفة بل أتكلم عن الأديب وإنسانيته فماذا أفعل بأدب جميل إذا كنت أعرف أن الأديب فاقد إنسانيته. أتمنى أن أكون أوضحت فكرتي وسأتابع قراءة ترجماتك مفترضاً أن هؤلاء الأدباء كما كان إلان بابه قد أثبتوا إنسانيتهم. وإن جاء دوري فأنا أعتقد أن تهجير اليهود من الوطن العربي أو من أوروبا أو من إيران عمل يندى له الجبين. يأخي هؤلاء كانوا جزءاً من حركة تحديث المجتمعات العربية وغيرها ونحن خسرنا عقولهم وأدبهم وذكاءهم كما خسر الإسبان الأغبياء يهودهم في القرن الخامس عشر ومن أحق بإسبانية من يهودها ومن أحق بالعراق من يهودها ومن أحق بإيران من يهودها هؤلاء أقدم من أي غبي قومي إسباني أو عربي أو إيراني. وحتى إخراج محمد ليهود يثرب وخيبر جريمة وإن اختلفت العصور والمعايير. لك تحياتي وشكري
رائع يا اخي
ReplyDeleteبأي معنى .. أخي
كيفما اتفق