Friday 5 June 2009

بين أمي وأم كلثوم

ماتي شيمولوف

ترجمة: نائل الطوخي


لماذا لا أكتب قصائد حب إسرائيلية


أعيدوا التاريخ لي أولاً

ثم الكتب الدراسية

ولا تخبرونني بأن قصيدتي هي مانيفستو سياسي

بينما ليست لديكم أي فكرة عن الظلم، إذن هاكم طرف خيط

أريد تعويضا من بنك إسرائيل

للفلسطينيين، للشرقيين، للنساء، للمثليين، للسحاقيات

عن كل ملاحظة، معبرة، منطقة عسكرية مغلقة، إخفاء، إفساد

أريد منكم فتح خزانة القصيدة

وإعادة الأراضي إلى من أخذتموها منهم ودفع تعويض عن الاحتلال الرهيب

سوف أنتظر بجانب بنك إسرائيل، من وراء نوافذ التأمين القومي

تحت سيارات وزارة الخزانة

حتى تدفعوا تعويضا مناسبا على كل العنصرية المصفاة

وفقط عندما يكون أطفال أطفال من تم تعويضهم يدرسون

في الجامعة بمجتمع متساو

بدون احتقار، فقط عندها سوف أكون جاهزاً لكتابة قصائد حب

إسرائيلية.


مسافر في قطار مليء بالأنفس

صبار القري المهجورة

وأنا أحب الأرض العراقية

زرقاء العينين.

صديقي فارقنا

استمتع بالوعي الإشكنازي

مازال يسعى إلى الاندماج، كم أنه طماع

أبدا لن يقبلوه في متحف

الشمع في حديقة ذاكرة اللا-ذاكرة ولا ضوضاء

قشرة جريبفروت يابسة، تعتقد أنها

الأكاديمية ولكنها مهجورة، مذ هرب منها

قادة الدفاع عن

رأسمال الهوية

الأوروبية الإشكنازية.


إشكنازيون بوعي حقائب سفر

غادروا على طائرة إذاعة "جالي تساهل" وفي الخلفية ثمة موسيقى دينية

سعيدة أخيراً بنطق الاسم المقدس المبارك الله أكبر في الحي

لم يبق إلا من أحبوا

الأفلام الكوميدية السوداء لشارلي

بوزجلو شابلن أبو سنينة أريستوفانس من رام الله.

انتظرتني بفستان زفاف

وفهمت أن العراقية زرقاء العينين

لم تعد ملكي، اقتربت من فلسطين

وتنازلت عن الأنا.

أبي الميت

الطوابع جمعت أيام أبي الأخيرة

في الدول التي لم يتجول فيها

وضعها في صحن ماء روحه

وقشرها نازعا إياها من مظروف الإهمال

الخاص بحي الطبقات الدنيا، في مدينة حيفا،

ولكن الأيدي الأخطبوطية لسلطات الحكومة

لم تضعف قبضتها على الطوابع

وظل الحبر الأسود عليها مثل ندبة

قايين.


بين أمي وأم كلثوم

أمي تتحدث مع جدتي، باللغة

العراقية، الغارقة في اللغة

العبرية العربية

ولكنها عندما تأتي البيت

تطلب مني إطفاء أغنية أم كلثوم

وتشغيل موسيقى أخرى

حتى لا يعرف أحد من

نحن

قصة ضوء القمر

"سبعون نوعا من التمر كانت في بغداد"


هكذا حكت لي جدتي

وأضافت: "خسارة أننا تركناها"


هناك لم يكونوا يضعون الأدوية في الطعام

هناك لم تكن صوبات

هناك لم نأكل البقر، وكانت معدتنا مليئة بلحم الخراف"


حتى طريقي إلى بغداد قد دمرت

وبرغم أنني لا أتحدث اللغة

فأنا أعرف أن حياتي الآن هي قطعة مظلمة من التاريخ

المعلق

على الخطاف، قصة ضوء قمر جدتي


رحلة إلى داخل بطن اللصة الكبرى – "الصهيونية"

أعمل في ضريبة دخل صفحات التاريخ التي تنقصني

وجمال امرأتي لم أعثر عليه في أرض معروفة، في مطاعم كبيرة، بلا قيمة،

وإنما وجدته في ألبوم صور قديم يخص جدتي العراقية،

في صورة أمي، في شبابها، وهي تلبس ملابس المحتل الأوروبي


ما هو الشيء الحضاري في الحضارة

طلبوا مني في الأمسية الشعرية أن أكون متحضراً

أن أحكي عن سبب لجوئي للشعر

بدون الحكي عن حرب الكلمات

ولا تضفير قوافي العنصرية

كأنني أنظم ماتش ملاكمة وأجلس في الساحة

مكبلا وأعمى

قرية كاملة تم تدميرها أثناء الطرد من يافا

تسمعين يا أمي؟

جرذ كبير أبيض وشبعان

أقنع المفتش

بالأكل سويا مع المقاول

بإطعام السياسي

بالنوم مع القاضي

وتسطيح تاريخ البشر


جرذ كبير، يا أمي أقسم أني رأيته يعض الخرائب

بشهية وإفرازاته كانت هي الثقافة التي

أكلها ولم يشبع أبداً.


ولماذا أحكي لك يا أمي، ربما لأنني أشعر أنه لا يمكن لهذا أن يستمر

ينبغي الوقوف أمام الجرذ، ينبغي الصراخ من ألم العض

لأنه لو لم يحدث هذا فسوف يواصل بل وسوف

يمزق القصيدة


هذا يؤلمني يا أمي، ولكنني لن أكون مثلك،

لن تكون هناك جرذان في العالم،

وربما نستطيع التنفس بجسد متحرر من أثار العض


معك حق يا أمي، نحن لسنا جرذانا

ولكن العلامات على الجسد، الأنقاض في أعيننا

سوف تنتقل إلى ابنتي عندما تسألني كيف أننا لم نفعل شيئا.

_________________________________________________________

ماتي شيمولوف، شاعر إسرائيلي شاب من حيفا، ولد عام 1972، أبوه من أصل عراقي، شعره ذو صبغة سياسية حادة ضد دولة إسرائيل وسياستها في التعامل مع الفلسطينيين ومع اليهود من أصل عربي، درس المجستير في جامعة تل أبيب ويدرس الدكتوراه بجامعة حيفا. رأس تحرير دورية "هاكيفون مزراح" وهي المجلة التي عنيت بشئون الشرقيين وإعادة تعريف الهوية الشرقية اليهودية، عام 2003 أخرج عرض "من الذي ولد لاحتفال يوم الذكرى". له ديوان بعنوان "من قزم الندوب" 2001، و"قصيدة بين شيمولوف وبن هزاز" 2006.

_____________________________________

الصورة المرفقة من عمل الفنان دورون عوفار، مكتوب عليها في إشارة لنضال اليهود الشرقيين ضد سياسات دولتهم: "صراعات في ظل القمع. الصراع غير المنتهي، من وادي صليب مرورا بالفهود السود حتى القوس الديمقراطي الشرقي"



11 comments:

  1. أمي تتحدث مع جدتي، باللغة

    العراقية، الغارقة في اللغة

    العبرية العربية

    ولكنها عندما تأتي البيت

    تطلب مني إطفاء أغنية أم كلثوم

    وتشغيل موسيقى أخرى

    حتى لا يعرف أحد من

    نحن




    :)

    ReplyDelete
  2. رغم ان بعض الكلمات كانت محتاجة شروحات
    بس في المجمل النصوص بتلمس القلب بشكل ما
    حية بشكل ما
    جميلة بشكل ما
    واعجابي بالتغيير كمان
    في نوعية الاختيارات
    :)

    ReplyDelete
  3. Adeni A7ott comment. Momken law sama7t te7ot ennosous bel3ebri?

    ReplyDelete
  4. أ. نائل
    سعدتُ بمعرفة مدونتك كثيرا وأكثر بمحتواها
    أشكرك لهذه الفائدة

    ReplyDelete
  5. إيه هو التغيير في نوعية الاختيارات يا أماني؟

    ReplyDelete
  6. اؤمن بصدق التجربة كجواز مرور للكلمات ....ان يحسها الكاتب بعمق حتى تصل لمتلقى

    من اكتر نصوص المدونةاللى وصلتنى كقارئة..مش عارفة ده لان فيها نبرة عدائية واضحة لاسرائيل و لا لانها تجربته الصادقة

    ReplyDelete
  7. محمد داود6 June 2009 at 08:01

    رائع يا صديقي

    ReplyDelete
  8. جميل يانائل

    ...............


    ياريت لو تترجم شغل للمزة داليا رافيكوفيتش

    :))

    ReplyDelete
  9. salam ila koli yahodi mina arfod maroc

    ReplyDelete
  10. +212667085598 erfod maroc

    ReplyDelete

comment ya khabibi