Friday, 12 June 2009

سكسبيل الشعراء العجائز

دافيد أفيدان

ترجمة: نائل الطوخي

أغنية عصرية

القمر أطلق النار بمسدس صغير.

تذكرة حفلة الأسبوع أعطيتْ.

النساء السمينات لم يقمن بدفن ميتهن.


القمر أغلق زر أمان المسدس.

قاعة الحفلات لم يتم فتحها أبدا.

حفار القبر القديم لفظ أنفاسه.


القمر ذهب لبيته البعيد.

قاعة الحفلات مغلقة، مثل القانون.

حفار القبر المحتضر انفجر في الضحك.


القمر أطلق النار بمسدس كبير.

قاعة الحفلات هي مجرد ميوزيك هول.

الميت الذي سبق ذكره هنا يكفر بكل شيء.


لذا فالقمر لم يطلق النار أصلا.

لذا فالقاعة تمام، مثل القواعد.

لذا يوجد هناك طقس الدفن.

من ديوان "حنفيات مقطوعة الشفتين"

استبدال نوبات الحراسة

اخرج، اخرج، رجل الدم.

ادخل، ادخل، رجل الماء.

عدة مرات، دقي يا أجراس،

السماء عطفت عليكم

والآن أنتم يتامى،

يتيمان، يتيمان اثنان،

أمام بابين مغلقين،

بابين مخيفين بالمناسبة.

من ديوان "قصائد باردة وأخرى"

مقدمة للمقدمة

اليد التي ضربت، هي اليد التي عطفت

على كل المضروبين. ولكن المعطوف عليه

سوف يتذكر بحنين مكبوت يوم الأمس

الذي انقضى بلا عودة. لم يهتم أحد

بالشخص الذي - بطبيعته - لا يهتم أحد به. فقط الحكمة

سيتم دفعها إلى مكان ما، سوف تمسك بالجدار المنهار،

وسوف يكون هذا، على مايبدو، واجبها الأخير

والأول أيضاً. وشخص ما يعاني.

مسيرة

الماء الأبيض طلب مهلة

ليكون أكثر دكنة. وعندئذ مرت

على السطح رعشة غير معروفة،

وشخص ما فجأة تشوه،

ولكن لا زال شيء ما على الحدود

التشوهات التي يتم التسامح معها دوماً،

والتي تضم عيوباً ومزايا،

وتضم كذلك حقيقة متواصلة، غامضة..

قوة الإرادة

يقيس الإنسان رعشته بيد مرتعشة.

يصعب جداً الوثوق في الرعشة

بين حد وحد هناك ميراث صغير: وطن

وميراث أصغر: شهادة ميلاد.

ولكن من خلفه هناك أرضمظلمة،

تقع بين حدين فسفوريين،

وهي ضعيفة فوق ضعفها، أو أنها

تقوم فجأة بإغواء كل الأقفال

وتتحول فجأة إلى رجل

يعوم على ذكرياته الصاحية فحسب

بين خط البداية وبين القبر،

وهناك ينقلب من جانب إلى آخر

مسافة آمنة

انساني.

لو أنك تؤمن بالشمس،

تنتقد الزهور،

تعتمد على الرياح،

فانساني.

ولدتُ داخل عالم مؤرشف للغاية،

مليء بحسابات والتزامات لاعددلها.

لو ولدتُ قبل الآن بخمسين عاما،

ربما أكون قد عرفت نفسي

في ظروف احتفالية أكثر،

مع شهادة ميلاد أخرى،

ورق سميك

وحروف قوطية.

خسارة، لكن

الآن

أنا لنفسي، نفسي لنفسي، نفسيلنفسي.

فقط من بعيد أسمع الدفوف القديمة.

وجلد الدف يستوعبها بصعوبة.

وجلد الدف يلفظها بصعوبة.

أجراس.

أجراس.

رنات.

وبعدك كل شيء سينفتح على اتساعه

كما كان قبل الطوفان.

من ديوان "اتفاق مرحلي"

ليلة مفاجئة

شخص عجوز، ماذا يملك في حياته؟

يقوم في صباح، ولا يقوم في صباح.

يخطو إلى المطبخ وهناك

يذكّره الماء الفاتر

أنه في سنه، في سنه، في سنه

شخص عجوز، ماذا يملك في صباحاته؟

يقوم في صباح الصيف، ليجد نفسه في خريف

يختلط مساءً بمصابيح غرفته.

من رحلته في الطرقة عاد،

لأنه كان هناك لا يزال يفكر، يفكر، يفكر

ماذا يفعل الآن وماذا يقرأ

شخص عجوز، ماذا يملك في كتبه؟

........


شخص عجوز، ماذا يملك في سنه؟

ينعس لأنه يخاف النوم.

عيناه نصف مفتوحتين، يخمن

أمام حركة النجوم، إن كانت الهمسات

ترمز له بأن تلك هي ليلته الأخيرة.

..........


شخص عجوز، ماذا يملك في ليلته؟

ليس ملكا.

ويسقط

في غير ساحة المعركة.

الآن هو كذلك

كنت مستعدا للتغير الآن.

لا أملك أسباباً للرفض الآن.

لم تعد لدي ادعاءات الآن.

لا أشعر بالألم الآن.


كنت مستعداً لأن أجرب الآن.

شيئاً لا أعرفه الآن.

كنت مستعداً لأن أحاول الآن،

ألا أشعر بالبرد الآن.

من ديوان "قصائد تحت ضغط"

قبل التاريخ

أنا أتذكر نفسي وأنا أنتظر،

مسلحاً بأسلحة من العصر الحجري،

وأنا أتذكر نفسي وأنا أضرب

بحكمة مدققة على التبن،

وأنا أعاين بجدية حريق

الجسور الكبرى والصغرى،

وأنا أستقبل بسعادة عاصفة

الأفاعي السوداء والحيات،

وأنا أنوي فعل ثلاثة أشياء،

لم يحاول شخص فعلها من قبلي،

وأنا أنظم سباقا للنمور

البيضاء والداكنة لجميع أصدقائي،

وأنا أنتظر الموت الجيد،

لكي يمر من عليّ إلى مكان آخر،

وأنا نسيت الكثير

ولم أعد أذكر القليل.

اللحظة قبل الأخيرة

الجسد توسل إلى الروح: ابقي

هنا. بعد قليل

ستفرحين. اليوم سأفتح أخيراً

كل زجاجات النبيذ

المعتقة. حتى السيرك

سوف يأتي هنا. سوف أغني لك

أغاني لم تسمعيها. ولكن الروح

قالت: مالك؟ هل نسيت أن كل متعتي

هي التحرك في الزمن؟ الآن

سوف أتزحزح من هنا. هل ستأتي

معي أم لا؟

أي سكسابيل يملكه الشعراء العجائز

أي سكسابيل يملكه الشعراء العجائز؟ عندما

أقول، مثلا، في لحظة ضعف: "من يقول،

أن الأدب عليه أن يكون أخلاقيا؟" - يتضح

أنه بإمكاني أن أحمل على كتفي الشابتين

كل ثقل عدم المسئولية المعلنة. ولكن

بوجه مجعد؟ بفم مزموم؟ بيدين

مرتعشتين؟ ما الذي يبقى، بخلاف العينين، النظرة

التي تظل معلقة في مسافات مؤلمة، الذِكر الخابي

للجانب الرضاعي: ابك، يا إنسان، ابك

من فقدتهم. ابكهم

منذ لحظة ولادتك، رعب

جسدك الفاني، معرفة

قوتك المنهار. والآن-

يأتونك بالطبيب، طبيب

يأتون به إليك. لو كانت بك

مازالت قوة للصراخ، قل لهم، قل

بكل المسئولية، بكل فعالية

حبالك الصوتية المتعبة: "لا تأتوني بطبيب، يا سادتي، لا طبيب

- وإنما جلاد مع حبل المشنقة!"

من ديوان "قصائد جديدة"

___________________________________________

دافيد أفيدان. من أهم رموز الشعر والأدب الإسرائيلي. يعده النقاد، سويا مع يهودا عميحاي وناتان زاخ، واحداً من الثلاثة الكبار بـ"جيل الدولة"، أي الجيل الأدبي الذي شهد قيام دولة إسرائيل. بالإضافة إلى شعره، فهو رسام وممثل. درس الفلسفة ولكنه لم يتخرج من الكلية. ولد عام 1934 في تل أبيب وتوفى عام 1995، في نفس المدينة، غارقا في الديون. ورثاه الشاعر نتان زاخ بإلقاء قصيدته "أغنية للأطفال" التي تبدأ كلماتها بجملة "الموت سيزورني في عيد ميلادي." قبل حوالي عام من موته كان أغلب القراء الإسرائيليون قد عرفوا شيئا عن حالته النفسية والاقتصادية، عندما نشر التليفزيون تقريرا عنه اتضح منه أنه مدين بحوالي مئة ألف شيكل. من دواوينه "مشاكل شخصية" 1957، "شيء من أجل شيء" 1964، "قصائد غير ممكنة" 1968، "قصائد خارجية" 1970، و"قصائد للاستعمال" 1973.

3 comments:

  1. ولدت داخل عالم مؤرشف للغاية

    يعني إيه مؤرشف؟

    ReplyDelete
  2. يعني محطوط في الأرشيف

    ReplyDelete
  3. وفيه حاجة كمان

    ليه ميوزيك هول موش قاعة موسيقى؟


    لذا فالقاعة تمام مثل القواعد

    تمام دي مستوى تاني من اللغة، ياخدك لأسلوبك أنت إللي هو ساخر بس في الترجمة متهيألي مفروض يبقى فيه التزام أكثر بأسلوب الكاتب، صح؟

    ReplyDelete

comment ya khabibi