Thursday, 9 September 2010

أخاف هذه الأنفاس المنتظمة

حتى الآخر

يوسي ساريد

ترجمة: نائل الطوخي

الألم يتحصن خلف متاريسه الأخيرة

يستجمع بقايا قوته

في حرب بهذا الطول

بلا منتصرين وهزومين.

أعلم أن معارك كبيرة

دارت على جسور هنا أو هناك.

قد يكون أي فراق مرير وجارح

في حقيقته لقاء في مكان آخر

بعيداً بعيداً في الجانب الآخر.

بعد البكاء سيضحى كل شيء أكثر وضوحاً

والانسحاب سيصبح آمناً وسريعاً.

لا أحد يريد أن يهزم ذكرياته

حتى آخرها.

أخاف

أخاف هذه الأنفاس المنتظمة

كل آلة مصيرها التوقف.

من يبكرون للقيام يجدون الليل قد مات في الحدائق

عندما تتشقق المضخات البعيدة فجأة.

أخاف هذا النبض المحكم

كمن يتحسس معركة تم تقرير مصيرها

سوف يدق الحَكَم بنبضة الهزيمة

بدون ادعاء.

أخاف من هذه الخطوات المحسوبة

أبداً لن أتمكن من إحاطة لحظات صمتي المحاصرة

والأسوار لن تسقط.

البحر عجوز اليوم

البحر عجوز اليوم

هديره.. شائب

ولكن عاصف ومبتهج

مثل مدرس عقيم مع طائفة تلاميذه

في عطلة صيفية

البحر يلعب اليوم بصدفاته

وأسرار ماكرة يهمس بها للقواقع

يقرص خدي السحاب الغزير في الأفق الحار

ويمرر كفه الثقيلة والمرتعشة

على خصلات الرمال

الشمس تتفتت في عينيه إلى ألاف

من بقايا الفتات

وينثرها هو

مثل عجوز وحيد

على السحب البيضاء

شقائق النعمان – يقول اليونانيون

هي الصبا المحكوم بالموت.

البحر فضي السوالف

يمكن، أن يكون هو الشيب

الذي لن يحيا أبداً.

طول اليوم يتكدس السحاب

طول اليوم يتكدس السحاب

إلى أن سال دم الغروب عليه

وليس من صوت للمطر

وليس من يرد.

جدران البستان الواطئة غطت

وجوهها

بغيمة من غبار رمادي ومنثور

الأشجار المتساقطة أوراقها أطارت على

أجنحة الريح

صفحات رسالة أخيرة

عن ربيع كبير ومخيب للآمال

محراث مهمَل في الحقل

راكع على كتل التراب

صارخاً يلد

أحجاراً صامتة

وأشواكاً حزينة.

فلاح متعب حمّل مرة ثانية على ظهره

الواسع

الشمس الثقيلة والغاربة

ووصل بيته

وجمع أغنام آماله المكبوسة

في طست جاف.

قبل

قال: "مثل انسحاق هذه السيجارة في يدي

سآتي"...

ثم قال: "كذوبان هذه الشمس قبالنا

سوف أصل"...

وفي النهاية قال: "كانطفاء هذه المصابيح من بعيد

سوف أكون موجوداً"...

ولم يصل

لم يصل

لم يكن موجوداً.

لأن الرماد أخذ يشوّكه هناك في داخله

قبل خروجه

_________________________________

يوسي ساريد شاعر وكاتب مقالات وواحد من أبرز السياسيين الإسرائيين. ولد عام 1940 باسم يوسف شنايدر. غير أبوه اسم العائلة إلى "ساريد"، والتي تعني في العبرية "المتبقي"، بعد ظنه أن جميع أفراد عائلته توفوا في الهولوكست.

في عام 1984 انضم ساريد إلى حزب راتس بقيادة شولاميت آلوني، حيث كانت له الكثير من الآراء اليمينية هناك، مثل وقوفه موقفا معارضا من رفض الخدمة العسكرية، ومعارضته لإدراج تقسيم القدس في الجدول والدعوة لتفكيك السلاح النووي. على مدار الدورة الثانية عشر للكنيست وبفضل علاقته القوية برئيس حزب مبام، ورئيس حزب شينوي، استطاع إقامة حزب ميرتس، وهو حزب معدود في إطار "اليسار" إسرائيلي. وخسر الحزب خسارة فادحة في انتخابات الكنيست عام 2003 وهو ما دفع ساريد للاتحاد مع حركة شَحَر لإقامة حزب جديد باسم "يَحَد"، وفي عام 2005 أعلن عن اعتزاله الحياة السياسية.

من كتبه: "لقاء في مكان آخر"، 1961، "هذا هو تحليلي، 2004، "هكذا تجمعنا"، 2008، "قصائد ما بعد"، 2010.

في العامين 2007-2009 تم تعيينه رئيسا للجنة تحكيم جائزة "سبير"، وعلى إثر منح الجائزة لرواية "بيت دجاني" للكاتب آلون حيلو، تم اتهامه بمجاملة الرواية، الصادرة عن نفس دار النشر التي صدرت فيها أغلب كتبه، دار يديعوت سفاريم، بالإضافة إلى أنه يعد عمّ محررة الكتاب، رنا فربين، وهو ما تولدت عنه أزمة الرواية، التي أثارت عاصفة كبيرة داخل إسرائيل.

يذكر أنه قد تم تعيينه وزيرا للتعليم في حكومة إيهود باراك. وأعلن في مارس 2000 عن نيته تدريس قصائد محمود درويش في المناهج التعليمية، وهو ما أثار عاصفة بين أعضاء الكنيست.



1 comment:

  1. في الواقع انني تعرفت اخيرا على مدونتك وقد هجرت المكان .. مكث هناك واكاد اكون قرأت مجملها والقيت نظرة احيانا .. الجهد راق لي تقديره بامتنان .. ومع ان ما تكتبه هنا يشكل نافدة مضيئة على الأخر الذي يتربص بنا .. وهذا مهم جدا وان كان الفلسطينيون اعرف دائما .. الا انني اجدك هنا لوحدك .. بودي ان تتجه غربا بين الحين والآخر .. هناك تمتطى ظالتك برشاقة .. وحالة الاجتياح التي تقوم بها هنا على راى الذي قيم رواية الاديب الفلسطين الكاتب بالعبرية .. تبقى مهمة ولكن لا ينبغي التفرغ لها او الوقوع حبسا لاسوارها .. الوطن المصري يئن وعندما يئن القلب تتوجع الاعضاء التي هي اساسا متسرطنة .. لن يتغير لن تنال الاعضاء الشفاء ما لم يضخ القلب دما مؤكسج نقي .. افهمنى .. خوك ليبي فاد منهم زى بعض .. تسلم يا امير..

    ReplyDelete

comment ya khabibi