Friday, 22 January 2010

عن أختنا طالي فحيمة تغني العصافير

ميئير فيزلتير

ترجمة: نائل الطوخي

ميئير فيزلتير. واحد من كبار الشعراء الإسرائيليين. ولد ميئير فيزلتير عام 1941، بموسكو بالاتحاد السوفييتي. هاجر إلى إسرائيل عام 1949، بدأ دراسته الجامعة في كلية الحقوق بالجامعة العبرية، لكنه سرعان ما غادرها ليدرس الفلسفة والتاريخ العام. بعد انتهاء دراسته، أقام لسنوات عديدة في أوروبا، وهناك شارك في كورسات وورش كثيرة عن تاريخ الأدب. فيزلتير حائز على جائزة بياليك الأدبية عام 1995، وعلى جائزة إسرائيل للأدب والشعر عام 2000. وهو أستاذ بقسم الأدب العبري والمقارن بجامعة حيفا. معروف بقصائده السياسية. على مدار السنوات كتب قصائد احتجاجية كثيرة ضد الاحتلال الإسرائيلي بالضفة الغربية، وضد حرب لبنان وضد المنظومة الثقافية التي أوجدت ثقافة الحرب الإسرائيلية. كما اشتهر بقصائد الحب الحسية التي يكتبها. من دواوينه "قصل 1 فصل 2" (1967)، "خذ" (1973)، "بالداخل بالخارج" (1977)، "مختصر سنوات الستينيات" (1984)، "أنا يوناني" (1985)، "رسائل وقصائد أخرى" (1986)، "قصائد بطيئة" (2000).

_______________________________

البقية تأتي

الحرب هي استمرار للسياسة،

وجنوب لبنان هو استمرار للجليل الأعلى

وبناء عليه، فطبيعي أن تقوم الدولة

بحرب في لبنان.


الصبا هو استمرار للطفولة

وجنوب لبنان هو استمرار الجليل الأعلى:

وبناء علي، فطبيعي من الأطفال والصبيان

أن يطلقوا النار على بعضهم في لبنان.


حفر القبور هو استمرار للكهانة.

وجنوب لبنان هو استمرار الجليل الأعلى:

ولهذا سيحفر متعهدو الجيوش

قبورا طازجة في لبنان.


الصحافة هي استمرار الثرثرة،

وجنوب لبنان هو استمرار الجليل الأعلى:

ولذا تزن الصحف بجدية

مكاسب الحرب في لبنان.


الشعر هو مقلوب القول،

في جنوب لبنان أو في الجليل الأعلى.

لذا فما قيل يشبه ما لم يقال،

وأيضاً سوف نخرج إلى الحرب في لبنان.


بابا وماما ذهبا للسينما


تقلب الصفحات، أعمام عراة

يجرون عاريين ونحيفين للغاية،

وعمات أيضاً تبرز أطيازهن للخارج

ورجال بالبيجامات مثلما في المسرح

ونجمات داود قماشية.

وكلهم قبيحون للغاية ونحيفون

وأعينهم واسعة كأعين الطير.


إنه مختلف بشكل رهيب وكئيب للغاية،

وإيلانا لديها أقلام رصاص حمراء

وزرقاء وخضراء وصفراء ووردية.

عندئذ ذهبت إلى غرفتها

وأحضرت جميع الأقلام الجميلة

ورسمت برغبة شديدة

للجميع نظارات وملامح مضحكة.

وبالتحديد للطفل الأصلع النحيف

رسمت له شاربا عملاقا أحمر هكذا

وفي طرف الشارب تقف عصفورة.

من سلسلة قصائد "لندن 6-1956"، 1984

كل من لا يقرأون الشعر


وبالتقريب فكل الناس،

يقرأون أشياء أخرى. مثلا،

تعليمات استعمال الدواء،

عناوين التليفزيون، القوائم،

رسائل الإس إم إس، الإيميلات والتقارير

الوصفات الطبية، تعليمات تركيب أثاث إيكيا،

المبالغ الشهرية لبطاقات الائتمان،

التفاصيل الشخصية في مواقع التعارف،

الريجيم، طرق الإقلاع عن التدخين،

البطاقات على الزجاجات والعلب الأخرى،

الصحف، وحتى الروايات.

غلاية تضج بالكلمات والأحروف

في القواميس، وحتى دماؤهم

مزدحمة بالكلمات والأحرف ونقاط الوقف،

مثل خصلة طفل مقمل، جاهلة.

الحياة بوصفها مدينة

حتى الآن لازلت أعيش في نفس المدينة.

خمسون عاما ونفس المدينة؟

عشت في مدن أخرى أيضاً.

هنا وهناك، ولكن أقل كثيراً.

هل هي لا تزال نفس المدينة؟

خمسون عاما ونفس المدينة؟

هذا حلم ليس مفيدا أن نحلمه.

المدينة لا تقع في المكان.

ليست مثل القصيدة الباقية في عينه

يواصل الحلم بأن وقتها لم يمر،

بأنها لم تعد شرخا من حجر بارد-

وإنما ديناصور حي ويغني.

وحتى لو جاء قارئ آخر

مذهول ومستنكر

فهو لن يغير حرفا أو علامة ترقيم.

يكفي القصيدة وضوحا أنها مفهومة.

أبيات كتلك تدل على العمر،

بل وستصدم صائغ قافية مبتدئ.

فقط شخص ذقنه بيضاء كالورقة

سوف يخطها بدون أن يهتز جفنه.

حظ جيد أن هناك مطرا

حظ جيد أن المطر يهطل، وليس هناك عدل

في العالم. ولو كان هنا عدل،

فالمطر لن ينقذنا. في المدرسة

يدرسون

القتل كحرفة.

وفي البلاد التي يهطل المطر فيها

تتم تغطية كل الفظائع ببطانية بيضاء.

فقط المعدات الثقيلة، الضخمة، في الأرض المجمدة

هي التي ستكتشف أحيانا

عن جماجم بشرية محطمة ، أو ماموثات.

وفي المناطق التي يدور فيها

الرمل مع السحب الترابية

في جفاف قاحل لا نهائي،

يمكن للرمل أن يغطي مدنا بكاملها

بدون أن يعرف أحد أنها موجودة بأحضانه.

لو كان هناك آلهة، أو إله واحد خفي

يحلق، أو تحلق، على وجه الوجود،

هل كان ليستجيب لرغبتنا في اللعب

بتجلٍ، أم بطاعة، أم بفداء؟

عن هاآرتس

عن طالي فحيمة*

ما الذي تغنيه العصافير في سماء الرملة

ما الذي تغنيه نهارا؟

طالي فحيمه أطلق سراحها،

خفضت ثلث عقوبتها نهارا،

تغني العصافير في سماء الرملة.


صباح الخير أختنا،

تغني العصافير في سماء الرملة:

أنت أيضا طرت على أجنحة الرغبة

في دفع شرارة الحياة ببلد الموت،

تغني العصافير في سماء الرملة.


وأنت أيضا تجاهلت الحدود المعينة

على خرائط لا نقرأها،

تغني العصافير في سماء الرملة.

ومثلنا فلقد تعقبت الحواجز والحراس

المسلحين والسعداء بإطلاق النار.


ومثلنا، فلقد هبطتِ في مدينة خربة،

تغني العصافير في سماء الرملة.

على أمل أن تجدي فيها هي أيضاً الفتات

لتغذية القلب الراغب في الحياة،

تغني العصافير في سماء الرملة.


وبرغم أن الإنسان للإنسان كالذئب،

والإنسان للإنسان كالأصم،

فلقد فردت جناحيك بالحاسة السادسة،

وطرت لتري وتسمعي بدون وساطة،

تغني العصافير في سماء الرملة.


وأنت فتحت فمك، وزقزقت بصوت عال،

تغني العصافير في سماء الرملة.

برغم أن صوتك خافت مثلنا،

وليس لديك مضخم للطاقة، ولا تاكسي ليقوم بوظيفة

الإوز، منقذ روما.


أسمعت صوتك من فوق كل الأغصان

التي يمكنك الاستراحة عليها لدقيقة.

وإنقاذ المدينة من أيدي الحراس،

الحراس الذين يطلقون النار على كل ذوي الأجنحة،

تغني العصافير في سماء الرملة.


والصيادون، الذين جرحوا جناحك

وأسقطوك في فخ أحمق،

تغني العصافير في سماء الرملة،

حتى آخر أيامهم سيأكلون القش والبراعم

التي نستخدمها في بناء أعشاشنا.


وكتاكيتهم سوف تخرج من البيضة

يوما ما وينبت لها جناح

وسوف يواصلون الطيران في الطريق الذي حددت معالمه

وسوف يحتقرون أمهاتهم وآبائهم،

تغني العصافير في سماء الرملة.

نشرت في معاريف 1-12-2007

________________________


*طالي فحيمة، ناشطة إسرائيلية راديكالية، التقت عام 2004 بزكريا الزبيدي رئيس "كتائب شهداء الأقصى" في جنين. تم حبسها حبسا إجرائيا على يد الشاباك الإسرائيلي، كما استجوبت وتم التحفظ عليها في الحبس الانفرادي، تحت زعم أنها خططت لعمليات فدائية في إسرائيل. اتهمت بدعم منظمة إرهابية، وحيازة سلاح بدون ترخيص ومساعدة العدو أثناء الحرب. واعترفت هي بترجمة وثيقة سرية من العبرية للعربية، وأدينت في النهاية بجرائم أقل خطورة، مثل تقديم معلومات للعدو والاتصال بعميل أجنبي. تم إطلاق سراحها في يناير 2007. أثار حبسها الرأي العام في إسرائيل وبالتحديد من جانب نشطاء اليسار، وممن كتبوا قصائد عنها أيضا الشاعر أهارون شبتاي.

1 comment:

  1. اليسار في العالم كلّه يدافع عن الخونة بحجة الحرية

    ReplyDelete

comment ya khabibi