سامي ميخائيل
ترجمة: نائل الطوخي
واحد من أهم الأدباء اليهود من أصل عراقي في إسرائيل. ولد سامي ميخائيل عام 1926 في بغداد باسم صلاح منسى. وأصبح عضوا في الحركة اليسارية العراقية لحقوق الإنسان (الحزب الشيوعي اليهودي العربي) وهو مازال يدرس في الثانوية. عام 1948، وهو يحمل الاسم الذي ولد به، صدر أمر باعتقاله واضطر لتغيير اسمه والهروب إلى إيران وبعد فترة قصيرة، في 1949، هاجر لإسرائيل، في البداية أقام بيافا ثم انتقل للإقامة في حيفا. نشر في البداية مقالات في الصحافة العربية بإسرائيل، وفي عام 1974 نشر رواية الأولى "متساوون ومتساوون أكثر".
لاقي ميخائيل صعوبات في العثور على عمل بإسرائيل لسنوات، بسبب كونه شيوعيا. ولكن برغم هذه المصاعب فلقد تم استعابه في العمل بالخدمة الهيدرولوجية بوزارة الزراعة، حيث عمل هناك لعشرات السنوات. هذه المصاعب موجودة في كتابه شبه الأوتوبيوجرافي "مياه تقبل المياه"، والمنشور عام 2001.
ميخائيل هو أخو نادية، وهي أرملة الجاسوس الإسرائيلي الشهير إيلي كوهين والذي تم شنقه في دمشق عام 1965.
من كتب سامي ميخائيل: "متساوون ومتساوون أكثر" (1974)، "حماية" (1977)، "هذه قبائل إسرائيل" (1984)، "فيكتوريا" (1993)، "الجناح الثالث" (2000)، "حمام في ترافلجر" (2005)، "عايدة" (2008). الفصل المنشور هنا من روايته الأخيرة "عايدة" تم نشر أصله العبري في صحيفة هاآرتس.
عايدة
فتح زكي دالي عينيه وقلبه صاف، تقريبا يبتسم لنفسه. مرت به أيام مثل هذه. لو أشار له شخص ما أنه لم يتجاوز السبعين بعد، كان ليرد بصمت متسامح. أبحر في اليقظة كأنما حدث هذا بعد ملاحة هادئة في مياه ساكنة. تسللت ضوضاء البيت لأذنه. وهو مازال في السرير، في غرفة النوم الحارة، شعر ببرودة جاثمة في الخارج لم تذب بعد لسعتها مع شروق الشمس. من خلف الباب المغلق تسللت الأنغام المرحة لدون جوفاني. قبل أن يصعد إلى سريره كان قد أصلح جهاز الستيريو، ولكن عفيفة لم تجرؤ لدى مجيئها نهارا على الضغط على الزر. دوما ما ارتسمت دوامات أصوات النساء والرجال في خيالها كلحم عار على شاطئ البحر، مثل هذا الذي يظهر في الأفلام الفاسقة. دربت عفيفة إذن الإصبع الأسمر والدقيق لابنتها رنين، منذ طفولتها على الضغط على الزر الذي يتيح طوفان الأنغام. جسد الطفلة كان يميل للاستجابة للجلبة، وهو الأمر الذي أخاف عفيفة أكثر. الآن رنين طالبة ولازالت تحن لأصوات النساء والرجال المنضفرة ببعضها البعض، تمنح أحساسيهم تحرراً بقوة كتلك.
إحساس بالرضا سيطر على قلب زكي عندما تذكر التقرير التليفزيوني الأسبوعي الذي أعده بالأمس لبرنامج "مواقع ومناظر"، والذي حظى بشعبية بين المشاهدين الذين يستنجدون بالنوستالجيا، حتى لو كانت كاذبة. من ردود أفعال الطاقم الفني فهم أن عمله قد نجح هذا الأسبوع. الموضوع كان البحث عن فطر الغراب في السهول الممتدة غرب الرمادي. ولكن ليس التقرير، ولا أنغام الأوبرا ولا حتى النوم الهادئ، كان هو ما حفر بعمق في لحم زكي هذا الصباح. اليوم هو الجمعة الأولى في الشهر، كعادته منذ سنوات سيزوره الليلة نزار السيد مع ثلاثة بنات. دوما كن ثلاثة بنات من أجل رجلين. بفضل الفقر والعوز في فترة الحصار الاقتصادي وبرنامج "الطعام والدواء مقابل النفط"، حاز نزارالسيد على أجمل ما في الصبا – العقل والجمال. لم يخطر على بال زكي أن يدافع عن نفسه أمام نفسه. لأنه رجل كريم، فلقد كان يعتقد أنه أيضا شخص جيد. الشخص الأخلاقي، كما يقول لنفسه، لن يرفض باقة زهور ندية فقط لأنها قطفت في ريعها. بين هذا وذاك، ربما كانت تجد طريقها للمزبلة. العالم الذي يعيش به ملآن بالمزابل والقبور. وهو، زكي، معدود من بين المحظوظين القلائل. هذه في الواقع هي خلاصة الشفرة الأخلاقية في البلد التي تقوم بتمزيق لحمها من عليها، بل وتساعد الغرباء على فعل هذا.
هبط من على سريره، فتح باب غرفة الحمام على اتساعه وغمره ضوء غريب. خطر على باله الآن أخواه المقيمان في الولايات المتحدة وأخته ليلى، المعمارية في أكسفورد. لقد سلما بهاجسه في أن يكون اليهودي الأخير ببغداد. تذكرا جرحه الرومانسي واحترماه، مثلما احترما العرج الذي ولدت به ليلى. اعتقدوا أنه حكم على نفسه بالرهبنة في العراق القاسية وتوسلا إليه على قدر ما استطاعا. وابتهجوا بإعادة تشكيل البيت الذي كبروا فيه. في قلب عملية التجسيد والتشبيه الهندسي قاموا بإعادة إحياء البيت الذي تحول الآن إلى خلطة من الفساد العثماني، الجاذبية البريطانية والسحر الياباني المنعش. الناتج النهائي ذكرهم ببيت دعارة أمريكي مبهرج. ضحك زكي بارتباك لدى انتهاء عملية الترميم الثوري. وبرغم هذا فلقد أحب كل زاوية في القصر، والذي لا تزال تتردد بين جدرانه أصوات أبناء العائلة اليهودية القائمة منذ حوالي خمسين سنة.
توجه إلى الجاكوزي الذي تفور فيه الفقاقيع، وبقلب منهك فكر في الصبيتين الذكيتين النضرتين اللتين ستأتيان الليلة إلى بيته. أنت شخص سليم وشبعان في أرض جائعة ومندوبة، فكر في نفسه. في هذه اللحظة تحرص رنين، ابنة السائق، على إعداد الإفطار – عسل البلح، قيمر، خبز أسود، بيضة نصف مستوية وشاي لاذع وحلو. من خلف خشخشة الأمواج المبثوثة التي تقطرمن الميكروفونات المزروعة في جدار الحمام، دهمته روائح الحياة الندية. نزل إلى الطابق الأسفل، مغتسلا ومحلوق الذقن ومرتدياً قميص جولف. بأسفل السلم كانت تنتظره رنين وابتسامتها تنير وجهها الشاب. الشريطة الزرقاء التي تربط بها شعرها كانت ممتدة الآن على جبينها بتأنق مقصود. أحبت نظرة الانفعال التي بدت في عينيه. أبرزت انتفاخ ثدييها المنتصبين. لأكثر من ساعتين تعمل مع أمها في ترتيب البيت والطبخ استعدادا للوليمة المسائية. تصلب زكي أمامها. كانت يداها معقودتين خلف ظهرها كمضيفة مثالية. وبابتسامة أشارت بذقنها باتجاه غرفة الطعام "صباح الخير يا عمي. الإفطار جاهز. عصرت برتقالا طازجا."
المشكلة الرئيسية ان الغالبية لا يفرقوا بين الصهيونية كفكر و اليهودية كديانه
ReplyDeleteis this zionist blog ?
ReplyDeletethank you
ReplyDeleteاخبار السيارات