Friday, 9 October 2009

اذهب إلى مدينة القتل، بيروت

يفتاح إشكنازي

ترجمة: نائل الطوخي


يفتاح إشكنازي، كاتب إسرائيلي شاب. ولد عام 1980. له كتابان "قصص موت مدينتي"، 2003، و"بيركناو حبيبتي"، 2007، هاتان القصيدتان مأخوذتان من العدد الرابع من مجلة "معيان الشعرية"، ويرأس تحريرها روعي تشيكي إراد. في إحداهما "اعترافات مراسل عسكري"، يصف الشاعر علاقة مثلية بين الجندي بالجيش الإسرائيلي وبين رفائيل إيتان، رئيس هيئة الأركان بحرب لبنان تموز 2006، وفي الثانية يحاكي الشاعر إصحاحات "اذهب" بسفر التكوين بالتوراة، ولكن بدلا من أمر الرب لإبراهيم بالذهاب إلى فلسطين نجد هنا أمر الجيش الإسرائيلي للجندي بالذهاب إلى لبنان، مدينة القتل، كما يصفها. في القصيدتين يربط الشاعر بين الحرب، وخاصة تلك التي تم شنها على لبنان في 2006، وبين العنف الجسدي المتعلق بالجنس، سواء ما كان منه مثليا أو غيريا، ويربط بين الجيش الإسرائيلي وأسطورته الذكورية عن نفسه.



اعترافات مراسل عسكري

يمكنني تخيل وضع افتراضي أقيم فيه علاقة جنسية (غير كاملة) مع رافول.

برغم أنني في علاقات من هذا النوع، يتوجب عليّ القول،

بأنني بكر.

ولكنني قضيت وقتا مرتين في أندية كتلك، عندما كنت في الخارج.


علاقتنا دارت على ضفتي الليطاني، بين مخربين مستعدين للموت مقابل إقامة معسكرات إبادة.

رافول وأنا نجلس لابسين الزنطات على موتور السيارة الجيب، غارقين في ضحكات صبيانية كلها عذوبة

بؤبؤاي يداعبان بطل إسرائيل الذي هبط بالمظلة في المتلة واستلم شارة حمراء، ولكنه ظل لغزاً.

الأرنوب يضخم نور النجوم، يسهم في الجو الرومانسي، يشجع على الهياج

رافول يسأل عن الوحدة

لفرحتي، يحاول اكتشاف من أنا.


هو يعرف كيف يتصل بالناس، لديه سحر خشن ، حقيقي، أولي،

يداعب زراير بزته العسكرية المحكمة لمنع أي تمزق في المعركة بعقدة مائلة

يحكي نكتة "جنسية" عنن صديقة المظلي وشجرة جولاني

.

بعد هذا، وبرغم أنني لا أهمه

يلمسني بكفه المدربة- الفلاحة

أنا مستعد

طالما ليس هناك شيء ما ملزم، مثل الإدخال من الخلف

.

وسوف يكون الأمر معنا مكتملا ولطيفا:

روعة البطولة،

القنابل المضيئة

مردخاي أنيلفيتش "الذي يتحول إلى شخص من لحم ودم،

طرق الهليكوبتر، قرى تتحول إلى بقايا،

قوات المدرعات، التفافات، سموم الفخر العسكري في الكمائن،

سيطرة الطاقية اليهودية، أسلوب هانيبعل، أطفال الأر بي جيه يتعقبون,

شارة نهاية الخدمة، دبوس زيت البنادق.


فتحنا علبة اللحم

"أريد الذهاب إلى عنبر يفتاح"

وأسير مع رافول، برغم الوضع المضحك.


نحن في العنبر من أجل عد قذائف الهاون

قال للجميع أن لدينا أوامر. سواء أنا أو رافول لم نكن نعرف قواعد اللعبة.

أخلى الطاولة. رمى على الأرض الخرائط المفروشة

"أريد أن أكون الأول" أقول له، مقررا برغم أنفه أن أحاول

أن أجرب، "صعب عليّ"، أعتذر، وهو يبتسم "انتظر".

أجلس على الطاولة، أشتهى أن يقبلني رافول طويلا

بشفتيه الرجوليتين والمشققتين.


نظرة على نطاق قاعدة الاستيعاب، والذي تحول إلى لوح من اليأس بمربعات سوداء،

على الطاقية والتي يمكنها أن تسقط أثناء الممارسة الحميمة، الجماعة يعلنون عن أعواد الثقاب

المشتعل. أبنائنا يطلقون النار وتطلق عليهم النار. رافول غير معتاد على الموقف. يمسك أعصابه.


أحلم بأن أقرص على الجلد الرقيق للصلعة ،

أن أحاول تدليك المخ الذي فكر في خطة الصراصير المسممة

هو يعرف أن العرب لا يفهمون إلا القوة، هو رضع من عربية، هو يفهم.

مدافع تطلق النار للمرة الأخيرة قبل نوم هيئة الأركان. تنفث دخاناً كالعطور.


رغبة تقفز وتتفجر في القول: "سبوتنيك يا غبي،

جدك اغتصب جدتك في أثناء مذبحة لليهود، على ما يبدو."


كل شيء يزدهر ، الآن دوري لأكون رجلاً

في نور أحمر يمحو الجسد العاصف

ولكن رافي خائف، ربما خجلان

يلبس


ذهبت للنوم وحيدا في السرير الفرنسي، وبعد حوار آخر مع جنودي الجيدين المتحمسين،

الذين يعرفون أن إسرائيل تطمح في صنع سلام مع كل جيرانها العرب – الأعداء.

الحرب تستمر، سلسلة طلقات،

هم ليسوا بشرا وإنما حيوانات.

رافول بالضبط قبل الفراق، عندما كنا مخلصين وباردين،

يحذرني أن صبرا وشاتيلا سوف تجر ورائها أكاذيب ضدنا

.

للحادث السابق ثمة درسان سعيدان فحسب

هناك توازن ديمجرافي، ولذا علينا كرجال وكيهود

أن نتوجه فقط للأماكن الصائبة والنظيفة

التي يخرج منها الأطفال.


وأن نثق بقلب جامد في الجنود

الذي يقضون ليلهم كالنهار

لأجل جعل الحياة

محتملة لنا.


(التقيت برافول فقط مرة واحدة بعد الاستقالة في تل عداشيم،

وهو لم يعد يتذكر الأحداث، ولا يتذكرني، ولا يتذكر الآخرين،

وذهبنا نحن الاثنين سويا إلى معصرة الزيتون.)


في مدينة القتل

قم اذهب إلى مدينة القتل في عمق لبنان

الجبال سترقص على شرفك كالأيائل، بعد قصف متواصل.

قم اذهب إلى مدينة القتل، وهناك الكثير من البلدوزرات،

اذهب وانظر إلى دبورة امرأة مغتصبة، عارية ومغطاة.

اذهب إلى الخرائب،

إلى أنقاض البيوت.

انزل إلى صفوف

البلدوزرات

أنت لا تتجول

أنت لاتذهب.

أنت لا تنهار

أنت تركع في حركة عسكرية، قراءة خريطة الرموز،

وهذه يدك التي تلمس مرتعشة الجدران المكهربة الرقيقة.

هذا فمك الذي يقول:

"ممنوع"

هذا أنت المستعد لأن تموت مقابل انتهاء فترة الحاجز العسكري

كل شيء على ما يرام – كل شيء يعمل – كل شيء معروف.

هذا أبي الذي ذهب بي مرة إلى قرية زرعيت،

لكي نرى القصف سوياً.

ولم نجرؤ على النظر خلفنا،

نعم، محبطين سمعنا سويا أصوات الرعد في وحدة الإرشادات

والآلاف من زخات الشظايا اللامعة وجندي يشتعل

من مذراة كبريت، طار في الهواء القاسي،

رائحة الجثث كان أبي يعرفها.

عندئذ

حكا لي عن حروبه

وعن اليوم الذي فقد فيه السمع بإحدى أذنيه،

عندما قصف هبط في حفرة، كأنه لم يحب أن يوضح لي أن هذه هي حربي.

لم يرغب في أن يرى، إلى أي درجة أنا مرعوب

السكين – قم اذبح.

مثل الكلب، لأني أخطأت أخطاء كثيرة،

لأنني قتلت، نعم قتلت، قتلت أناسا.

وفي القرية الخربة في لبنان، التي تم سحقها بالرؤوس المتفجرة وبكاميرات-فوق حمراء

تقف امرأة

يحكم عليها تلبيوت*

تحترق كامرأة اللهب*

هي تلك

التي ركع بين ساقيها

سقط

نام.

اغتصب وطُعن ونام.

بين ركبتيها حفر علامة

وتحرك من عليها محركا حوضه

محاولا التوقف عن التفكير في أخته.

وهي لا تزال راكعة مزروعة منذ زمن

رطبة أمامه.

وفتاة أو فتاتان ثياب مصبوغة*

باهتة في العروق.

صدر عار مكبوس في ثدييها الصافيين

والسوائل تتدفق

بالتناسق مع حركته.

السماء دعت بالرحمة

رب العالمين قرأ التأبين لابسا التفيلين المدنس،

على مدينة القتل

على القتلة.

عليّ،

لأنني ميتاً سأصبح،

لأنني ميتاً أصبحت عندما قتلت أناساً.

___________________________________________________

*برنامج تلبيوت هو برنامج تأهيلي عسكري

*امرأة اللهب هو اسم يطلق على دبورا النبية اليهودية.

*"يقسموا الغنيمة فتاة أو فتاتان لكل رجل ثياب مصبوغة".. من سفر القضاة 30-5


No comments:

Post a Comment

comment ya khabibi