Friday 20 March 2009

ماذا تعرف عن السوريين؟

يتسحاك لاؤور

ترجمة: نائل الطوخي


13:20، طريق جولد

كيف يمكن وصف السعادة التي غمرت أريئيل جولد في صيف 1990؟ مع هذا، فيومياً، في الظهيرة، في الساعة الواحدة وعشرين دقيقة، يخرج البروفيسور أريئيل جولد من مكتبه بمبنى الكلية، يقذف من خلفه كلمة حب لسكرتيرته. يعدل بحركة يد واحدة الجاكت الفاتح على كتفه، ويداه الخاليتان مرتبطتان الواحدة بالأخرى من خلف ظهره، وبعد أن ينعدل الجاكت بشكل جيد، يفصل كلا من يديه عن الأخرى حتى يتحسس الجو الأليف. أحياناً تبدو أكمام الجاكت، مع اليدين المتأرجحتين، مثل أربعة أجنحة، ولكن جولد يكون قد كسى وجهه بابتسامة، يطير وحده مثل أبو دقيق لعدة أمتار، وعند مدخل مكتب البروفيسبور زيلبر، أفريقيا، الشرق الأوسط، بدون توقف، يقول بهدوء، كأنه يحدث نفسه (زيلبر الآن ينتظر بجانب الباب المفتوح، يريد الكلام عن الانفراد في موضوع موبوتو: طالبة باحثة لديه أجرت حواراً مع واحدة من نساء الحاكم، وكشفت لها تلك أنه عندما كان في كورس مظليين بالبلاد، فعلوا فيه بإحدى الأمسيات فعلة رهيبة، وهو خائف، طول حياته هو خائف، من كشف سره)، يقول جولد: "زيلبر حبوبي"، ويواصل طريقه، لا يدير رأسه لكي يرى إن كان زيلبر قد انضم إليه، وزيلبر، الذي انتظر هنا منذ أن تلفنت روحاما لسكرتيرته (على أي حال، فقد أكد على سكرتيرته ألا تكشف شيئاً، وهكذا يحافظ على الانفراد)، ينضم زيلبر للمسيرة. يقول جولد: "السوريون" (لديه في موضوع السوريين رأي حاسم منذ أن قرأ صفحات مخطوطة كتاب صديقه المفضل، بروفيسور أندرو ماكميلان، عن تاريخ سوريا بوصفها أرضاً غير عربية)، ويواصل السير، ويتبادل كلاهما بعض الأراء قبل الوصول إلى مدخل غرفة البروفيسور إراد، ولكنهما لا يتوقفان هنا، قبل أن تكون سكرتيرة زيلبر قد تلفنت لسكرتيرة إراد وقالت لها: "الأحمقان يقتربان"، وتقول سكرتيرة إراد له: "الغداء يا إراد، ولا تأكل أي شيء حامياً، أنت تعرف ما الذي يفعله هذا بك." وفوريا تتصل بسكرتيرة بروفيسور كوبر وتقول لها: "هم في الطريق إليك، وأخبري رئيسك الجديد أنهم لا يتوقفون ولا ينتظرون"، والآن يصبحون ثلاثة، أريئيل جولد في المنتصف، في المقدمة، يداه تلوحان أمامه، أكمامه ترفرف خلفه، ، وزميلاه على جانبيه، يوائمان إيقاع سيرهما مع إيقاع سيره، وجولد يختبر حنجرته، يسعل، يسأل إراد: "طيب، ماذا تقول عن السوريين؟" وإراد، وهذا بالتحديد في اليوم الأخير من السنة الدراسية، يقول شيئا لم يُقل من قبل: "السوريون؟ ما الذي يمكن قوله عنهم؟ هم عرب!" يجيب جولد بسرعة مختلفة عن إيقاع سيره: "هذا بالتحديد هو خطأك، يا صديقي إراد، هم أبداً ليسوا عرباً، هم أشوريون، ومن المفيد لك أن تقرأ كتاب صديقي المفضل أندرو ماكميلان، هو فعلا صديق جيد، وإنسان عزيز"، بعدها يتنهد مشتاقاً للخروج إلى الشمس الرائعة، والسنة الدراسية تنتهي، ولكن الربيع لا يزال أمامنا، يعلن لرفيقيه، بدون أن يدير رأسه: "كوبر وصل، عليكما أن تكونا لطيفين معه. هو رجل طيب، اهتتمت بأن تكون رئاسة القسم من حظه"، لقد كان الحق مع جولد فعلا، وصل الثلاثة إلى كوبر، ، أي مرا أمام باب مكتبه، ولم يكن هو مختبئاً خلف الباب، وإنما ينتظر بالفعل أمام المدخل، حائرا في كيفية انضمامه إلى المسيرة، هناك بقعة حمراء تحت عينيه، ولكنه يحفظ شفوياً (باليونانية!) "أوديب في كولونيا"، ويقول شيئا ما مضحكاً، يضحك وحده، ينضم للمسيرة السريعة، يتكيف، يسير كأنه تعود على هذا طول عمره، ولكنه في الحقيقة لم ينضم إلا الآن، محتلاً مكان البروفيسور حاييم حيدير رحمه الرب، وهو يبحث عن الجانب المناسب لاختراق هذا المثلث، وفي نهاية الأمر، قبل الخروج من المبنى المرتفع، يقرر السير خلفهم، بالتحديد خلف جولد، وفي خلال دقيقتين يكونون قد أصبحوا في الطريق الواسع، زهور الثالوث وأبو خنجر أمامهم، وكوبر يكون قد اعتاد، بسرعة، على مكانه في الطرف الخلفي من المبنى، "طيب يا كوبر، وما الذي تقوله أنت عن السوريين؟"، "وما الذي يمكن لكوبر قوله عن السوريين؟ جيد"، يقول منكتاً، جيد بالنسبة له، رأى لعدة مرات شلة جولد تخترق الأوليمبوس، والآن يشعر أنه يحلم، وهوبّا: "السوريون ليسوا عرباً، بالتأكيد ليسوا عرباً"، يوجه نظرته إلى قفا جولد المحلوق، بينما يصل الجميع إلى مبنى كلية علوم السلوك ويلتقطون البروفيسور بيليد، الذي يحتار، خلال السير، كيف سينغرس بين جولد وزيلبر، بينما سيضايقه زيلبر، ولذا فهو أيضا يكون أكثر انسجاماً في الخلف، ويجبر كوبر بهذا على أن يتزحزح يميناً بعض الشيء، ويسير كلاهما، جنباً إلى جنب، مثل قاعدة الخماسي، كوبر يقفز من حين لآخر لكي يجد الإيقاع خلف القدامى، ويقول بيليد في موضوع كتاب أندرو (هو لا ينتظر السؤال، لقد أعد ما عليه قوله بمجرد أن تلقت سكرتيرته الاتصال الهاتفي): "اسمع يا أريئيل، أنا قرأت كتاب صديقك. ماذا أقول لك؟ هو لديه ما يقوله. لم أفكر في هذا أبداً من قبل. هو جاد فعلاً، صح؟" جولد تأمل، جولد استمتع، وببهجة بسبب الشمس الأليفة لصيف 1990 جلد صاحبه: "جاد؟ إنه الخبير بألف لام التعريف، الأعظم في العالم، ولكنه الأعظم في العالم في شئون سوريا والسوريين."



يتسحاك لاؤور، شاعر وروائي ومسرحي. ولد عام 1948 في برديس حنا بحيفا. أثارت مسرحيته "إفرايم يعود للجيش" في الثمانينات ضجة كبيرة. حيث رفض عرضها مجلس النقد السينمائي والمسرحي لكونها: "تتناول صورة الحكم العسكري بشكل مشوه وخبيث من خلال تشبيهه بالنظام النازي، وعرضها سوف يجعل مشاهديها يشعرون بمشاعر سلبية تجاه الدولة وبمشاعر احتقار وقرف ضد جيش الدفاع الإسرائيلي بشكل عام وضد الحكم العسكري بشكل خاص". غير أنه قد سمح بعرضها بعد الاستئناف. لاؤور يعيش حاليا في تل أبيب، ويعمل ناقداً أدبيا في صحيفة هاآرتس.

المشهد من مفتتح روايته "هذا هو البني آدم" والتي تدور حول العميد آدام لوتام الذي اكتشف أنه يكره نفسه ويسعى لكي يكون محبوباً ولو مرة واحدة في حياته. بعد أن تسبب في موت صديق طفولته في تحطم مروحية.


6 comments:

  1. it is hard to read because of the chosen colors. maybe it is better to choose other colors for text and background.

    ReplyDelete
  2. مبروك المدونة الجديدة يانائل

    ياريت تغير القالب الله يخليك وتغير لون الخط وتكبره شوية لانه متعب للعينين جدا

    تحياتي

    ReplyDelete
  3. المشاءون الجدد , او أهمية الا يقضي المرء فترة الغذاء وحيدا
    :)

    سامح

    ReplyDelete
  4. المشاءون الجدد , او أهمية الا يقضي المرء فترة الغذاء وحيدا
    :)

    سامح

    ReplyDelete
  5. ملاحظة يا اخي
    "بردس حانا" ليست في حيفا، انها كذلك مستوطنة اقيمت عام 1929 على اراضي عربية فلسطينية وبجانب قرية السنديانة التي هجر اهلها ودمرت، وهي تقع في قضاء حيفا.

    ReplyDelete

comment ya khabibi