حانوخ لفين
ترجمة: نائل الطوخي
عند محل بائعة السجق العجوز
الزبون: أعطيني من فضلك سجقاً ساخناً مع كرواسون. أريد بشدة أن يكون ساخناً. والكرواسون طري. أريد أن يكون هذا السجق كبيراً جداً، مترين. وكذلك الخبز. أريد أن يكون السعر رخيصًا. رخيصاً جداً. سأكون سعيداً جداً أن آخذ هذا السجق كهدية. وإذا رجعنا لحظة لطول السجق، فأنا أريده لا نهائياً، وأن يكون هدية. وأن تتوسلي لي أن آكله، مثل الأم القلقة. أريدك أن تكوني أمي، ولكن هذا فقط بالنسبة لموضوع السجق، وخارج موضوع السجق لتكوني امرأة غريبة تماماً، ولكن مشرقة الوجه. أريدك أن تكوني أصغر أربعين عاماً، أن تكوني فاتنة جداً. وعارية. فقط في نصفك الأسفل. أريدك بعد أن تقدمي لي السجق اللانهائي أن تنامي معي على أريكة طرية، أريدها أن تكون هنا خلف البار. أريدك أن تكوني أمي في موضوع السجق، عاهرة لطيفة بالنسبة للقصة، وكارولين أميرة موناكو بعد القصة، لغرض الحب اليائس، سفر مشترك لموناكو وزواج. والسؤال فقط هو ما الذي سنفعله بالسجق اللانهائي. سوف يملأ كل فراغ الوجود ولن يكون هناك مكان لموناكو. أريد أن تنبت لك لحية، أن تتحولي إلى المسيح، وتحلي مشكلة السجق، ثم تتحولي مرة ثانية إلى كارولين أميرة موناكو. تذكري. أنا أعلق عليكِ آمالاً كبرى وهائلة. طالما تقدمين لي السجق فكل شيء مفتوح، كل شيء ممكن.
(العجوز تقدم له سجقاً وكراوسون)
شكراً جزيلاً. وخسارة.
في محل الملابس الداخلية
(بائع متحمس. تدخل زبونة)
الزبونة: آسفة، ولكن هل يمكنني شراء زوجاً من الكيلوتات؟
البائع: (وجهه يحمر. يصدر أصوات خوار) زوجاً من ماذا؟!
الزبونة: (تؤكد) الكيلوتات.
البائع: (يبدأ في الخوار والتأوه والتلوي في آلام شهوته)
ححح. ححح.. هوه، يا رب، هي تريد.. ححح... أن تلبس على ال.. الخاص بها، هوه يا رب، هذا كبير... كبير... هذا أروع من القدرة على التعبير... هوه يا رب... ححح... ححح (للزبونة) تريدين أن تشتري ححح... حتى تلبسيه أين؟
الزبونة: (تستدير وتشير إلى مؤخرتها) هنا.
البائع: (يجن من الشهوة) هوه يا رب، هنا... "هي تقول "هنا... هي قالت "هنا"...من اليوم فصاعداً كلمة هنا سوف يكون لها عندي ... معنى مقدس... أيضاً كلمة "ها هنا" تعطي إيحاء غير مباشر، وكلمة "هناك" تعطي إيحاء عن طريق التناقض... تدريجياً سوف تصبح كل اللغة مقدسة بهذه الطريقة...
(يتشنج من فرط التأثر)
هوه يا رب... ححح... ححح...
(ينتهي. صمت. وجهة عليه ملامح الإرهاق والقرف)
حطمتيني. أنا إنسان انتهى من عمل قاس ومدمر. أنا أغلق المحل. سوف أذهب لإجراء فحوصات وبعدها للمستشفى. تعالي في آخر أغسطس.
ما هو أنا وليس أنت
(رجل راض عن نفسه يجلس مع امرأة مسترخية. يدخل رجل متلهف. يغرس بها نظرة راغبة. يقترب منها، نظرته مغروسة في ثديها، يمد إصبعاً باتجاه الثدي)
المتلهف: كنت أريد هذا جداً.
المسترخية: هذا يخصه.
الراضي: هذا يخصني.
المتلهف: كنت أريد.
المسترخية: لا يمكن.
المتلهف: خسارة، أريده بشدة.
المسترخية: لا يمكن بشدة.
(الراضي يبتسم ببرود، يلمس بإصبعه ثدي المسترخية. تشرح هي للمتلهف)
لأن هذا يخصه، هل تفهم؟
المتلهف: أفهم جيداً جداً، وخسارة شديدة.
(للراضي)
الأمر جيد بالنسبة لك. صح؟
الراضي: على ما يرام.
المتلهف: ولكِ؟
المسترخية: أيضاً.
المتلهف: فانتاستيك. صح؟
الراضي: هل تسألني؟
المتلهف: نعم.
الراضي: نعم. فانتاستيك.
المسترخية: وتسألني أيضاً؟
المتلهف: نعم.
المسترخية: نعم. فانتاستيك.
(المتلهف يقرب وجهه من وجه الراضي. تقريباً يلمسه)
خسارة شديدة أني لست أنت.
الراضي: جيد أن تكون أنا، صح؟
المتلهف: ذروة عالية. وسيء جداً أن أكون أنا. صح؟
المسترخية: هل تسألني؟
المتلهف: نعم.
المسترخية: نعم، سيء جداً.
الراضي: وتسألني أيضاً؟
المتلهف: لم لا؟
الراضي: نعم، سيء.
المتلهف: (يقرب رأسه من ثدي المسترخية) ولو كنت أنا هو، هل كنت لتسمحين لي أن ألمس هذا؟
المسترخية: نعم.
المتلهف: خسارة شديدة.
الراضي: ولكن بما أنه ليس أنا، فلن تسمحي له، صح؟
المسترخية: صح جداً.
الراضي: كل من هو أنا، ستسمحي له، وكل من هو ليس أنا، فلن تسمحي له.
المسترخية: بالضبط.
الراضي: فانتاستيك، صح؟
المسترخية: هل تسألني أم تسأله؟
الراضي: أسألكِ ثم أسأله.
المسترخية: نعم، فانتاستيك.
المتلهف: نعم، فانتاستيك.
الراضي: هل فهمتَ ما معنى أن تكون أنا وليس أنتَ؟
المتلهف: أنا أفهم الفارق بدرجة كبيرة.
(يقرب وجهه من وجه الراضي، كأنه يحاول الدخول بداخله)
الراضي: هل تحاول الدخول بداخلي وأن تكون أنا؟
المتلهف: نعم.
الراضي: لن تنجح، لأن كل شخص هو نفسه.
المتلهف: صح، وخسارة.
(وجهه يظل قريباً من وجه الراضي. بإعجاب) أي...! أي...!
(يفتح فمه بإعجاب. الراضي يلمس ثدي المسترخية. صمت. الراضي يلمسه مرة ثانية. صمت. الراضي على وشك أن يلمسه مجدداً، ولكن المتلهف يغلق فمه ويبعد وجهه. الراضي يقول للمسترخية)
الراضي: خسارة كبيرة أنه توقف عن الإعجاب بي وأنه لا يستطيع الوقوف أمامي وفمه مفتوح للأبد.
المتلهف: (يعتذر) لأنه مع كل هذا فلديّ نفسي، وكل أنواع الترتيبات، وعليّ أن أغلق فمي المفتوح بإعجاب وأن أفتحه مرة ثانية استعداداً للعشاء.
الراضي: خسارة كبيرة أن الآخرين عليهم أن يأكلوا وكل هذه الأشياء.
المتلهف: لو كنت أنا أنت كنت سأظل، أنت تفهم بنفسك.
الراضي: نعم، أنا أفهم، وخسارة.
المسترخية: مع كل هذا فلديك أنا.
الراضي: (للمتلهف) هذا صحيح، لدي هي، وبهذا لا يكون الأمر خسارة لهذه الدرجة.
المتلهف: أفهم. إذن سلام عليكم، ومن ناحيتي، فهي خسارة كبيرة. وخسارة مرة ثانية.
(يخرج).
______________________________________________
ربما يكون حانوخ لفين هو أكثر من تمت ترجمته في هذه المدونة. تمت ترجمته من قبل هنا وهنا وهنا. لفين من أعلام المسرح والأدب الإسرائيلي. ولد عام 1943 لأبوين من أصول بولندية وتوفى عام 1999. نشر قصيدته الأولى عام 1967 باسم "بركات الفجر". اهتم بالمسرح السياسي الساخر، فقدم عام 1968 مسرحية "أنا وأنت والحرب القادمة"، وفي عام 69 قدم "كاتشب"، وفي كلا العملين عارض الطابع العسكري لدولة إسرائيل وسخر من عجز ولامبالاة السياسيين، مما أثار ضده النقاد، وبعد تقديم عمله الثالث "ملكة الكبانيه"، على المسرح الكامري في أبريل 1970 ، ثار الرأي العام الإسرائيلي ضده بدرجة غير مسبوقة: تظاهر المشاهدون وقاموا بأعمال شغب ضد عرض المسرحية في المسرح الكامري، وهو مسرح تابع للدولة، وطالب حزب المفدال بمنع العرض الذي يدنس شرف العهد القديم، وهددت الحكومة بوقف الدعم المقدم إلى المسرح. تعرض لفين كذلك لانتقادات شديدة فيما يخص عرضه "عدة حوارات متخلفة وأغان تهدف لصب الملح على الجروح المفتوحة"، حيث قال عنها الصحفي أوري بورات: "يبدو من هذه المسرحية الزبالة أننا جميعا قتلة حقراء، مواطنون في دولة عسكرية متعطشة للدماء"، أما رئوفين يناي فقد قال عنها: "هناك مشهد عن صحفي يذهب لإجراء حوار مع أرملة شابة سقط زوجها في القناة، ويمارس معها الحب ببهجة – فقط عقل شيطاني أو مريض نفسي يمكنه كتابة مشهد كهذا... إنها سخرية خبيثة من آلاف الأباء الثكلى." النصوص المترجمة هنا من كتابه "الجيجولو الآتي من الكونغو ونماذج أخرى".